الكيد السياسى هو سبب خراب الكثير من الأفكار والمشاريع، فهو يلغى النقاش تماما، وينقله إلى خانة العند و"حدف الطوب"، فمهما فعلت الحكومة وحزبها فسوف نهاجمهم. ومهما قالت المعارضة فلن نسمع لها، وليس مهماً أن تضيع مصالح البلاد والعباد. وخذ عندك زيارة جمال مبارك إلى قرية ننا بمحافظة بنى سويف خير نموذج على هذا الكيد.
هللت الصحف الحكومية للزيارة، واعتبرتها فتحا مبينا، فقد خرجت لجنة السياسات بالحزب الحاكم من الغرف المكيفة إلى حر الشوارع الضيقة بالقرى، وبدلا من الكلام النظرى، هاهم يحتكون بقيادة جمال بالواقع مباشرة ويقدمون خطة لإنقاذ أفقر 1000 قرية.
أما الصحف المعارضة فقد انشغلت بتسخيف الزيارة، وتأكيد كذبها، فقرية ننا ليست الأفقر وما حدث تمثيلية، "يعنى مش بجد"، فالذين حضروا اختارتهم أجهزة الأمن وما قالوه متفق عليه، والعدد كله على بعضه لم يزد على عشرة أفراد، يعنى مسرحية هزلية. وأكدت بعض هذه الصحف، على لسان خبراء كما أسمتهم، أن هذه الزيارة مجرد تلميع للوريث وبشروه بأنها خطة فاشلة لحكم مصر. وما بين الصحف المهللة والصحف الرافضة لم نعرف الإجابة على السؤال الأساسى: ما هى خطة الحزب الوطنى وحكومته لإنقاذ الريف المصرى من الفقر المروع؟
فليس معقولا أن يقتصر الأمر على قرار اللواء عبد السلام المحجوب وزير التنمية المحلية، أثناء الزيارة، بتخفيض فوائد قروض الصندوق الاجتماعى لأبناء ننا. وليس معقولا أن تقتصر الخطة على تحسين خدمات مياه الشرب والصرف الصحى والصحة والتعليم وغيرها. فالأمر أصعب من ذلك بكثير، فالريف مشكلته ليست فقط فى الخدمات، ولكن فى المشاكل الفظيعة التى يعانى منها الفلاحون والاقتصاد الريفى، والنتيجة هى أعلى معدلات للفقر والبطالة، أى نحتاج إلى خطة حقيقية ومبتكرة لتنمية الريف.
الأسئلة لا تنتهى وللأسف لم يهتم بها الإعلام الحكومى بشكل كاف.. ولم تهتم بها صحف المعارضة ولم تهتم بطرح بدائل على الرأى العام. فالأهم لدى الطرفين هو الكيد السياسى.. مهما فعل الحزب الحاكم سنهاجمه.. ومهما فعلت المعارضة لن نسمع لها.
ونحن الذين ندفع الثمن.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة