"عايشين إزاى؟.. وإزاى هنعيش؟".. قالتها الشاعرة "إيمان بكرى" ضمن أبيات كثيرة سردتها فى برنامج "العاشرة مساءً"، اللقاء الذى سبق ليلة الحريق الشهيرة، لم يكن ليتنبأ بأن الليلة التالية ستكون مأساوية لهذه الدرجة، وبأن الحلقة ستكون عن حادث مؤلم سيحتل الليلة بكاملها. القصائد المتعددة التى تلتها "بكرى" كان فيها ما يضحك.. وفيها ما يبكى، وقدمت أوصافاً صادقة لأحوال الناس فى مصر، فقرة استثنائية، أو بكائية على حال الوطن والمصريين.
الفقرة.. تذكرك بأن من حقك أحياناً أن تمارس حزنك، وأن تعلنه دون مواربة، لكن ما الذى يجعلنا نحزن؟ أشياء كثيرة بالطبع، وربما منها ما هو بسيط للغاية، لكنه يدفعك لأن تتألم. يكتسب الإعلامى مصداقيته، من إيمان الناس به، وهم حين يحبونه، يكونون قد أبرموا معه عقداً غير مكتوب، بموجبه يمنحونه الحب، ومقابل ذلك يدين لهم بالصدق، والناس حين تحب وجه إعلامى حباً حقيقياً، تكون قد وهبته مجداً بلا حدود، قد يجعله هذا يصاب بالغرور، وقد يخضعه لإغراءات كبيرة، ففى هذه الحالة يكون محل ترحيب من المعلنين كونه أصبح نجماً، وحين يعرض عليه تقديم إعلان، فإن الأجر الذى يدفعه له المعلن، هو فى الحقيقة ثمن ثقة الناس فيه.
د."هبة قطب" اكتسبت شعبية كبيرة، من تقديمها لبرنامج سابق على شاشة قناة "المحور"، محوره الأساسى هو الثقافة الجنسية، وبقدر ما هوجم البرنامج، بقدر ما حصل على مشاهدين، وحققت من خلاله "قطب" نجومية إعلامية، كانت السبب وراء انتقالها إلى شاشة "الحياة" ببرنامج قدمها فى صورة أفضل. ولأن الجمهور أحب "قطب"، كان عليها أن تكون أكثر حذراً، وهى تتخذ خطوتها الجريئة بتقديم إعلان عن مدينة سكنية فاخرة، تدعو الناس للسكن فيها، وتنصحهم فى نهاية الإعلان، بأن هكذا الحياة كما يجب أن نعيشها!
اعتاد الناس أن تقدم لهم د."هبة" نصائح حياتية، النصائح مجانية للمشاهدين، وهى تأخذ أجرها عن عملها كطبيبة ومقدمة برنامج، لكن أن تنصحهم بمقابل مادى بحت، كيف سيصدقونها؟ بالطبع يعنى الإعلان مكسبا ماليا بالنسبة لها، لكن ماذا ستخسر مقابله؟ فالصدق الذى يقطر من صوتها وهى تقدم نصيحتها بأن الحياة يجب أن تعاش فى هذه المدينة السكنية، إما أن يجعل المشاهد يصدقها فيبادر بالحجز فوراً ـ هذا إن كان فى مقدورته المادية ـ أو أن يودع ثقته فيها إلى الأبد.
المحبة الكبيرة التى حصلت عليها د."هبة" من جمهورها كانت تحتم عليها، أن تفكر كثيراً قبل تقديم الإعلان، فليس كل شىء يستحق البيع، حتى وإن كان قابلاً لذلك.