يعتقد كثير من المعارضين أن مجرد إزاحة السلطة الحاكمة سيحل كل مشاكل مصر .. وهذه مبالغة كبرى، بل ويمكن القول إنها غير صحيحة على الإطلاق .. صحيح أن السلطة فاسدة ومستبدة، ولكن الصحيح أيضاً أن المجتمع فيه الكثير من الاستبداد والفساد، وهذا لا يعنى أننى لا أتمنى تغيير هذه السلطة بطريقة سلمية، ولكنى أعتقد أنها المعركة الأكثر وضوحاً والأكثر سهولة، والمعركة الأصعب هى تغيير المجتمع.
وإليكم ما حدث مع الإعلامية بثينة كامل وما حدث معى.
الحاج المعلم المالك الجديد للعمارة التى تسكن فيها، خالف القوانين ودمر الطابع الجميل للمدخل وحاول إزالة الحديقة الصغيرة، وحتى يخوف بثينة التى اعترضت على بناء "زاوية" دون أية موافقات رسمية، ثم اتهمها رجاله بأنها اعتدت على المصلين ومنعتهم من الصلاة وهى مرتدية قميص النوم!! ولم تسكت بثينة وهى التى تحارب فساد الحكومة بجلالة قدرها وأبلغت الحى ووزارة البيئة، حرصاً على الحديقة، ورفضاً لهذه المخالفات، وبالرغم من كل ذلك فالمعلم الحاج مستمر حتى الآن فى تعدياته ومخالفته للقانون.
فماذا تفعل بثينة؟
لا حل أمامها سوى التصدى بالقانون مهما طال الأمر، فالثقافة السائدة فى مجتمعنا هى عدم احترام القانون، بل والتجرؤ عليه، وليس صحيحاً أن هذا يفعله أصحاب النفوذ فقط، ولكن معظم المصريين. لقد احتجت لثلاثة أسابيع كاملة، ومشاوير "رايح جاى" على نائب المأمور ورئيس المباحث، ناهيك عن اتصالات مع مديرية الأمن وكبار الضباط .. كل ذلك لكى أقنع جارى أنه يخالف القانون، وأن الشارع أمام بيته ليس ملكه، ولكنه ملك كل الناس .. وبالتالى فمن حقى أن أركن سيارتى، وليس من حقه بالطبع أن "يفسى العجل".
أعرف أن كثيرين سيردون فوراً بأن السلطة هى التى أفسدت المجتمع .. إلى آخره، ولكن فى النتيجة النهائية نحن أمام مجتمع يتعامل مع المواطن الذى يحترم القانون على أنه "عبيط وأهبل"، وأظن أن هذا سيأخذ وقتاً طويلاً لتغييره.
مثلما سنأخذ وقتاً طويلاً حتى تسود ثقافة التسامح، وأن ينشغل كل مواطن بنفسه، وليس بأن يفرض على الآخرين طريقته فى الحياة.
وهذا يحتاج إلى مساحة أخرى غداً.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة