إبراهيم داود

حديقة "المحظورة" ودورات فى مجال "الخوف من الله"

الإثنين، 22 سبتمبر 2008 04:38 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى رمضان من كل عام، تكثر الصفحات الدينية فى الصحف, وتزدهر البرامج التى تستضيف رجال الدين (التقليديين والحداثيين) ولا جديد, ويكون الشهر الكريم فرصة عظيمة للهجوم على "المحظورة" وموائد أفكارها وضيوفها وسحورها ونواياها السيئة, روزاليوسف طبعاً وحليفتها الجمهورية تتقدمان "الحكوميين" فى الصحف القومية فى فضح "الجماعة", التى يراها كاتب هذه السطور خارجة على القانون, ويرى أيضاً الذين يهاجمونها (لأنه قيل لهم هذا) يحققون لها مكاسب لا يحلمون بها, لأن أى شخص يهاجمه "النظاميون" فى الصحف والفضائيات، يراه المواطنون شخصاً مظلوماً وصالحاً .

فى الأيام الفائتة تعرضت الجماعة إلى هجوم رمضانى معتاد, سببه هذه المرة أن "المحظورة" تحاول مد جسور التواصل مع القوى السياسية, وبدأت بالوفد ثم التجمع (فى غياب رفعت السعيد) ودخل أسامة الغزالى حرب (الذى يسميه كرم جبر المتحول سياسياً) فى الموضوع, ولم ينتبه "النظاميون" فى حملتهم الموسمية إلى مؤشر خطير حدث فى الدويقة.

لقد خلع الإخوان ثوب الجماعة السياسية وارتدوا زى الجمعية الأهلية, وقال سعد الحسينى عضو مكتب الإرشاد والنائب بمجلس الشعب "للبديل"، إن جماعة الإخوان المسلمين كانت القوى السياسية الوحيدة التى بذلت جهوداً إنمائية فى حادث الدويقة ولكن بشكل غير معلن, وأضاف: شكلنا جهوداً إنمائية فى حادث الدويقة ولكن بشكل غير معلن, وأضاف: شكلنا منذ اللحظة الأولى للحادث أربع لجان, الأولى سعت لتوفير الوجبات الإنمائية وخيام الإيواء, والثانية للإنقاذ والثالثة لإغاثة المصابين والرابعة بتغسيل وتكفين ونقل الجثث, وأكد أن أجهزة الأمن كانت على علم تام بالأنشطة التى يقوم بها الأخوان, يسرى بيومى نائب الإخوان بدائرة مصر القديمة، قال إن الإخوان تكلفوا بتوفير 2000 وجبة إفطار يومياً لأهالى الدويقة (خلال خمسة أيام) وحوالى 600 بطانية, بينما أكد عادل حامد (نائب السيدة الذى تحالف معه رئيس مجلس الشعب فى الانتخابات السابقة) أن الجماعة تكلفت بتوفير 300 كفن للضحايا, وقال "قمنا بتوصيل الـ 17 جثة الأولى إلى المحافظات على نفقتنا الخاصة", هذا الكلام يعنى أنه لا توجد حكومة ولا يجود مجتمع مدنى فى مصر وأنه من الصعب أن يصدق عاقل أن "الناس دى وحشة".

الدولة اهتمت فى سياستها، بالتنمية الاقتصادية وتحقيق أرقام تتباهى بها فى معدلات النمو, وساد منطق خاطئ يروج له كثيرون فى لجنة السياسات بأن زيادة الدخل وارتفاع مستوى المعيشة وزيادة عدد السيارات والثلاجات لدى الطبقات المتوسطة وما دونها، دليل على أن مصر توشك أن تخرج من دائرة التخلف، وما بقى من جيوب للفقر والعشوائية سوف تبتلعه عصا الرخاء المقبل على يد رجال الأعمال, هكذا كتب سلامة أحمد سلامة, وفى حادث الدويقة لم تجد الدولة لمواجهة غضب الضحايا غير قوات الشرطة, التى قمعت المتظاهرين وتركت مهدى عاكف يقوم بالدور الذى كان ينبغى أن يقوم به أحمد نظيف.

رجال الدين فى رمضان يتحولون إلى سلطة, ففضيلة شيخ الأزهر رفض وساطة نقيب الصحفيين لكى يتنازل عن القضية التى رفعها ضد عادل حمودة ومحمد الباز, وقال "لن أتنازل حتى لو باس الصحفيون يدى", وشنت بعض الصحف هجوماً على فضيلته, لأنه يدعم قوى فى النظام تسعى لحبس الصحفيين (غير المطيعين طبعاً), واعتبر هذا الهجوم خطأً فادحاً, لأنه حدث خطأ فى حق الرجل بتصويره قسيساً, ولو كانت نقابة الصحفيين منتبهة للتجاوزات التى تحدث لما رفع أحد قضية, طبعاً أتمنى ألا يحدث حبس للزميلين، الرجل – الذى يعد مرجعية للسنة فى العالم – لموقعه احترام واجب, ومن حقه أن يغضب حرصاً على هيبة "المنصب", وأظن أن السيد الرئيس سيتدخل فى اللحظة الأخيرة ويتصل بفضيلته ليتنازل عن الدعوى وأنه سيتقدم السيد نقيب الصحفيين بالشكر فى رسالة باسم جموع الصحفيين بسبب دعمه لحرية الصحافة, وسيخرج مانشيت الفجر "شكراً سيادة الرئيس" وسينتهى الموضوع طبعاً, فقوى رئيس مجلس القضاء الأعلى فى السعودية ملاك القنوات التلفزيونية الفضائية التى تبث برامج خليعة وغير لائقة باعتبارهم مفسدين فى الأرض, كانت فرصة للدفاع عن أصحاب القنوات, لا هجوماً على الفكر الوهابى ولا على هذا الخيال, لأنك لو وضعت فى "الخانة" التى تقف ضد هؤلاء فلا مستقبل لك إذا كنت صحفياً أو إعلامياً. وستقاطعك قنوات الخلاعة وصحف الإثارة أيضاً! الإعلام النفطى هو الذى جعل لرجال الدين سلطة على الناس، وهو الذى أشاع المناخ الدينى والإرهاب فى المنطقة, ولست مع كلام الدكتور محمود عاشور وكيل الأزهر السابق (وهو رجل عاقل) عن أن المصريين يحتاجون دورات تدريبية فى مجال "الخوف من الله" (قال هذا فى نادى الروتارى) لأن المصريين يخافون الله ويخافون من المستقبل ويخافون من حبيب العادلى ويخافون من المرض ويخافون من رجال الدين.

نحن نتحدث طوال الوقت فى الماضى ونعيد إنتاجه, القرضاوى يهاجم الشيعة وشيوخ الفضائيات الجدد لحساب السعودية وإسرائيل, والشيعة تزداد حماقتهم وظهر غلهم التاريخى, والبشرية فى اتجاه آخر, داعية السلام الجنوب إفريقى ديزموند توتو الذى أعد تقريراً للأمم المتحدة يدين فيه إسرائيل بسبب قصفها لبلدة بيت حانون فى نوفمبر 2006 ويتهمها بارتكاب جريمة حرب، وشن هجوماً على الغرب بسبب تجاهله للعدوان وطالب بتعويضات لأهالى الضحايا الـ 19 (18 منهم من عائلة واحدة).

فى جنيف تتجه أنظار العالم حيث بدأ العلماء أضخم تجربة علمية لاكتشاف سر نشأة الكون, عن طريق إطلاق حزمة من الجزيئات بالنفق (27 كيلومتر) بنجاح، ومن المقرر إطلاق حزمة أخرى من الاتجاه المعاكس لتحقيق التصادم بين الحزمتين فائقتى السرعة, فى محاكاة للانفجار العظيم الذى يعتقد أنه أسفر عن تشكيل الكون.

التجربة هى الأغلى فى تاريخ العلم, أنفق عليها المختبر الأوروبى لفيزياء الجزيئات والمنظمة الأوروبية للأبحاث النووية عشرة مليارات من الدولارات, ويوجد فى التجربة عشرة آلاف عالم من مختلف أنحاء الأرض ولا يوجد مصرى (ولا عربى واحد), يوجد إسرائيليون وأتراك بالطبع, فرانك ويرلزك الحاصل على نوبل فى الفيزياء 2004، قال عن التجربة لنيوزويك "إنها تعد رداً من حضارتنا على أهرامات مصر, لكنها أفضل بكثير, لأن المشروع أتى نتيجة الفضول وليس الخرافة وبنى على التعاون وليس السخرة".

فى نيوزويك الأسبوع الماضى أيضاً (الطبعة العربية) موضوع كتبه شارلى بيغلى عن الاكتشافات الأخيرة المتعلقة بالحامض النووى، جاء فيه أن الأطفال الذين يتميزون بدماثة الطبع نتيجة لتأثير عوامل وراثية قوية هم أقل احتمالاً لتقليد آبائهم والاستفادة من الدروس التى يتلقونها منهم, فى حين أن الأطفال المشاكسين هم الأكثر استعداداً للاستفادة من تلك الدروس, لأنهم يتميزون بجهاز عصبى شديد الحساسية والتناغم مع البيئة المحيطة به!

عن "الجبل" و"الموت" و"إعمار" .. و"رفق" السلطة مع الثروة
حرائق فهمى هويدى وليبيا والسودان .. والبرسيم
إبراهيم داود يكتب: أحزان البراءة!
بكين .. بنى سويف .. بغداد ..عصير القصب








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة