سعيد شعيب

جينات الاستبداد

الجمعة، 26 سبتمبر 2008 09:43 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم يصدق وزير الاتصالات أن من حق موظفى هيئة البريد أن يعبروا عن عدم رضاهم عما يقوله أو يفعله.. وكيف يفعلون ذلك وهو الوزير الذى يأمر فيطاع.. كيف يفعلون ذلك، ورقبتهم فى يده.. اليد العليا، مصيرهم معلق بكلمة منه.

فعندما أعلن الدكتور طارق كامل فى حفل الإفطار المكافأة السنوية، لم تعجب الموظفين، لأنها كانت أقل من العام الماضى، وبالتالى لم يصفقوا ولم يهللوا ولم يهتفوا باسمه.. وعندما قال لهم مستنكرا طبقا لما نشرته جريدة المصرى اليوم "شكلكوا مش مبسوطين".. ارتكبوا كبيرة الكبائر ورفضوا المنحة. ضده وضد رئيس الهيئة.

الأمر هنا ليس فى أن ما فعله الموظفون خطأ أو صواب، فهذا أمر خاضع للنقاش، فالوزير قال بعدها إنه لا توجد فوائض فى الميزانية.. والموظفون يؤكدون أنه وعدهم بهذه المكافأة فى الشهر الكريم.. ثم ما ذنبهم فى وجود أو عدم وجود فوائض.

الأهم هو أن الوزير لم يستوعب أن الدنيا تغيرت، فلم، الصابر موظف هو العبد الذى يسكت على الظلم، الصابر على البلاء حتى يقضى الله أمرا كان مفعولا.. فالموظفون ثاروا أكثر من مرة، بل ونجحوا فى أن يفرضوا إرادتهم على وزير المالية دكتور يوسف بطرس غالى، الذى ثار مثل وزير الاتصالات وهاج عندما اعتصم موظفو الضرائب العقارية مطالبين بحقوقهم، وقال "محدش يلوى ذراعى" .. ومرت الأيام و"اتلوى دراعه" ونال الموظفون ما أرادوا.

الحقيقة أن الوزيرين ليسوا حالة استثنائية، ولكنه مزاج الاستبداد لدى السلطة الحاكمة، فهم ينطلقون من أنهم لا يديرون البلد ولكن يملكونها. ومن ثم من المستحيل أن يتقبلوا اعتراض "عبيد إحساناتهم".

وهذا يفسر هلع الداخلية لأن ضحايا الدويقة يحتجون ويتظاهرون على ظلم الحكومة. فالوزراء يعتبرونها إهانة شخصية، وليست حقا من حقوق المواطنين. فكافة أشكال الاحتجاج السلمى، هى طريقة ديمقراطية محترمة اخترعتها البشرية لإدارة الصراع بين مختلف الفئات وبين المصالح المتعارضة.

ولكن كيف يفكر الوزراء بطريقة ديمقراطية.. والسيد الرئيس الذى أتى بهم إلى كراسيهم، يحكمنا منذ 27 عاما دون إرادتنا.. وسيحكمنا إلى ما شاء الله دون أن يسألنا.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة