محمد الجالى

نصر الله.. اعرِض عن هذا

الخميس، 01 يناير 2009 11:23 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ُصدمت مثل كثيرين وأنا أتابع مقتطفات من الخطاب التاريخى للسيد حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله اللبنانى، والذى بثته مختلف الفضائيات عقب المجزرة الوحشية الإسرائيلية فى قطاع غزة.

السيد نصر الله الذى صوره الإعلام على أنه البطل الملهم والمنقذ لهذه الأمة الموجوعة والمستباحة فى العصر الحديث، تفرغ للهجوم على مصر دون حياء، ومن وراء ستار الكاميرات التليفزيونية (كعادته)، وظن أن الشعب المصرى ينتظر منه إشارة البدء لكسر الحدود وفتح معبر رفح، هكذا سولت له نفسه، أو هكذا صورت له بعض الصحف المصرية التى احتفت به وأرفقت اسمه ضمن قائمة الأبطال "عمر ابن الخطاب وخالد بن الوليد وعمر بن عبد العزيز والمعتصم وصلاح الدين الأيوبى وقطز والظاهر بيبرس وغيرهم"، وفى ظنى أن هذه الصحف معذورة، فهى تعالج عجز الأنظمة العربية بصنع أسطورة مزيفة تتكئ عليها أمام الجرثومة السرطانية الخبيثة "إسرائيل".

يا نصر الله لا تتوهم، إنما فتناك بصحافتنا الساذجة، يا نصر الله اعرض عن هذا واستغفر لذنبك الذى اقترفه لسانك وأذنابك فى حق مصر، ولا تأخذك العزة بالإثم، فلن تتاجر بأوجاعنا وخذلان أنظمتنا لتحقيق مآربك وأهدافك المدعومة من سوريا وإيران.

لقد جاءت دعوة حسن نصر الله، للشعب المصرى بالخروج لفتح معبر رفح بالقوة وتحريضه للقوات المسلحة المصرية بالتدخل وقلب الأوضاع، ثم إصداره بيانا يدين فيه الموقف المصرى، واعتباره أن المسئولين المصريين شركاء فى الجريمة، نوعٌ من الغباء السياسى والمزايدة على مصر، وإحراجها على المستويين الإقليمى والعالمى، ليُخرِجَ بذلك الأحقاد المتخفية ضد مصر، والتى فضحها الخطاب الإعلامى الموجه، دون الأخذ بمعايير المهنية والحياد فى النقل والتحليل، وأنا هنا أتفق مع خبرائنا الذين عقبوا على خطاب "نصر الله" للزميلتين نورا فخرى وآمال رسلان، عبر موقع اليوم السابع الإلكترونى، بأن هجوم زعيم حزب الله على مصر لا يخدم سوى إسرائيل، وأخُصُ هنا ما ذهب إليه اللواء "جمال مظلوم" الخبير الإستراتيجى، الذى اعتبر بيان نصر الله تدخلاً سافراً فى الشئون الداخلية لمصر، وقال إنه أمر مرفوض شكلاً وموضوعاً، مؤكداً أن المصريين ليسوا فى حاجة لمن يحثهم على التحرك تجاه القضية الفلسطينية، لافتًا إلى أن مصر قدمت الكثير للقضية الفلسطينية منذ بدايتها وحتى اليوم.

نعم قدمت مصر الكثير لهذه القضية المزمنة، دخلت حروبا وقدمت أرواح أبنائها ولم تعبأ بانهيار اقتصادها وتدمير بنيتها من أجل القضية الفلسطينية، تناسى هؤلاء كل ذلك واتهمونا بالخيانة والعمالة والتواطؤ ضد بنى جلدتنا، إنهم يبحثون عن دور البطولة المطلقة وتنحية مصر إلى الأدوار الثانية، بل إن شئت فقل إنهم يريدون لمصر دور "الكومبارس"، وللأسف فإن دويلات الريال والدينار والدرهم تدعم هذا الاتجاه وتروج له عبر فضائياتها وصحفها ووسائل إعلامها التى استغلت مجزرة غزة فى تعبئة الجماهير ضد مصر، فخرج المتظاهرون فى مشارق الأرض ومغاربها يحرقون علم مصر جنبا إلى علم إسرائيل! ولم تسلم السفارات والقنصليات المصرية من العبث بأثاثها ورفع العلم الفلسطينى فوق أسطحها، فى مشهد مستفز يشعرك بأن المتظاهرين رفعوا العلم الفلسطينى فوق مبنى الكنيست الإسرائيلى بعدما حرروا أرض فلسطين من دنس اليهود (!)، ولستُ بصدد تفنيد ادعاءات وأكاذيب ومطامع هذه الدويلات ووسائل إعلامها، بقدر ما أردتُ إبرازه حول الدور الحقيقى لحزب الله الشيعى، وما قدمه خلال ما يقرب من 30 عاما منذ إنشائه من دعم للقضية الفلسطينية، (ومن المعلوم أن هذا الحزب نشأ عن طريق سفير إيران الأسبق لدى دمشق "على أكبر محتشمى"، وهو التنظيم الوحيد الذى تراهن عليه إيران وتدعمه كاملا من بين التنظيمات التى أنشئت بالأموال الفارسية فى المنطقة)، فهل حزب الله اللبنانى الذى خرج من رحم حركة أمل فى فلسطين ليتحول إلى حرس حدود للعدو الصهيونى، ويُؤمِِنه من خطر المقاومة السُنية المسلحة، يمكن أن يكون بيانه الذى أصدره أمينه العام داعما لحماس وللقضية الفلسطينية؟ أم أن هذا الحزب الذى يتعامل بـ"تُقيا" الشيعة يبحث عن دور آخر على حساب أكبر دولة فى المنطقة (مصر رغما عن أنف الحاقدين)؟

إن حزب حسن نصر الله (إيرانى الهوى والهوية)، لن يخدم القضية الفلسطينية فى شئ، بل إنه يمثل عبئا عليها وعلينا، ومن يبحث عن المجد الضائع والبطولات التى نسينا طعمها عبر تصريحات وبيانات وحروبات حزب الله، فإنه بذلك يسير وفقا لأجندة الفُرس فى المنطقة ويطبقها بحذافيرها مغمضا عينيه أو مطأطئًا رأسه كخادم مطيع لسيده! ولو أن واحدا من الذين يتبركون بـ"آية الله" السيد حسن نصر الله ويعلقون صوره فى مكاتبهم وغرف نومهم، تعمق فى تاريخه النضالى(!) وبياناته وتصريحاته لفطن إلى أنه شوكة فى ظهرنا جميعا (لاحظ أن هناك تصريحات لمسئولين إيرانيين تؤكد أن مسلحين من حزب الله شاركوا فى الحرب الإيرانية العراقية، إما ضمن صفوف القوات الإيرانية، أو بشكل مباشر ضد العراقيين).

أعلم أن مقالة كهذه يمكن أن تشكل استفزازا لكثير ممن يرون فى نصر الله وحزبه أملا ومقصدا للخلاص من الكابوس الإسرائيلى، لكننى أثق أكثر فى أن خطابه وبياناته تشكل استفزازا أكبر. اللهم قد بلغت..اللهم فاشهد.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة