رغم كل خيبات الدور المصرى فى حرب غزة، ورغم صدمة الرأى العام من عدم استثماره للأوراق التى فى متناوله للضغط على إسرائيل، فإن ما يستوجب التوقف عنده فى الفصول الأخيرة للمشهد، هو رفض الرئيس مبارك لأى تواجد أجنبى على أرض مصر على الحدود مع غزة.
اعتبر الرئيس مبارك أن ذلك خط أحمر لم ولن يسمح بتجاوزه، وجاء ذلك ردا على اتفاق إسرائيل مع أمريكا بمنع تهريب الأسلحة، وأحسن وزير الخارجية أحمد أبوالغيط فى تعليقه على ذلك بقوله: «إن اتفاق واشنطن وتل أبيب حول منع تهريب الأسلحة لا يلزم القاهرة».
جاءت هذه الخطوة استشرافا متأخرا لحجم المخاطر المتوقعة على مصر، مما ترتكبه إسرائيل من مجازر ضد الفلسطينيين، وكل العذر للذين انتقدوا - وأنا منهم - أداء الدور المصرى فى الأزمة، والذى بدا متخبطا، ويمارس رفضه لما تفعله إسرائيل بخجل واضح، مما أعطى الفرصة للأطراف الإقليمية الأخرى بمحاولة طرح مصر من المعادلة المعنية مباشرة بالصراع العربى الإسرائيلى، كما أنه شجع إسرائيل على الاستخفاف بالدور العربى فى المواجهة.
هى يقظة متأخرة، لكنها وضعت نسبيا مصر أمام مسئوليتها، وأكدت أن ما يحاك ضدها فى الغرف المغلقة من أمريكا وإسرائيل يستهدف تقزيم دورها القومى، والتبجح فى الجهر بذلك، كما حدث فى عقد اتفاقية عن قضية هى طرف فيها، دون الالتفات إلى رأيها، والجهر علنا بنية سرقة أرض مصرية تحت مسمى وضع مراقبين عليها، أى ببساطة ستكون هذه الأرض خارج سيطرة مصر، وتحت إدارة دولية بغرض حماية إسرائيل، فأى بجاحة تلك؟
الرفض المصرى على لسان الرئيس مبارك وأبوالغيط، يستوجب التشجيع والتأييد من القوى السياسية المختلفة، حتى لو كان هذا التأييد بالقطعة، على أن يشمل حراسة الرفض، بحمايته من محترفى الارتماء فى الحضن الأمريكى والإسرائيلى، بدعوى المصلحة، فهؤلاء يعششون فى كل المواقع، ويسهرون على إخضاع مصر للابتزاز، واعتبار الحديث عن الكرامة والوطنية دقة قديمة.
نعم هى إفاقة متأخرة لكنها صحيحة، وحبذا لو جعلها الإعلام الرسمى قضيته المركزية، بدلاً من الهجوم على حماس وسوريا وقطر والجزيرة وباقى القائمة التى يجمعنا بها أكثر مما يفرقنا.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة