محمد الجالى

الأنظمة العربية ( أسد علينا.. وفى غزة نعامة)

السبت، 03 يناير 2009 10:58 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قرابة الـ 500 شهيد، وأكثر من 2200 جريح فلسطينى، سقطوا منذ الهجمات الوحشية الإسرائيلية المسلحة ضد قطاع غزة وأهله، لليوم الثامن على التوالى، تستمر عمليات الإبادة الجماعية بحق أهالى القطاع، حتى لو استمرت لشهر كامل، وتضاعف عدد الشهداء والمصابين إلى عشرات أضعاف هذين الرقمين، فلن يتغير شىء، ولو خرجت آلاف المظاهرات، واحتشدت الجموع فى ساحات المساجد والكنائس والجامعات، فلا جديد فى جعبة العرب، ولا يوجد ما يقدمه حكامنا ولا أنظمتنا للوقوف أمام المارد الصهيونى سوى مؤن "الأرز والزيت، والوقود، والأغطية"، وحتى هذه المؤن عجزنا عن توصيلها إلى المقهورين خلف الأسلاك الشائكة والحدود الوهمية التى رسمها الاستعمار وفرق بها ليسُد ويتسيد ويبطش ويمنح ونحن نشاهد ونبكى، ويهلك أهلونا، فنشجب وندين ثم ننسى ونمضى.

أنت تستطيع أن تراهن على عجز هذه الأنظمة التى تحكمنا جميعا، وأنت تعيش مع كل أزمة تتعرض لها أمتنا، هذه أنظمة ناجحة بامتياز فى بسط نفوذها داخليا فى انتخاباتها، وفى التعامل مع شعوبها (المطحونة، المكبوتة، الواهية)، ووزراء داخليتها ناجحون بامتياز مع مرتبة الشرف الأولى، مؤتمراتهم ناجحة، أسلوبهم فى السيطرة والتعامل مع المظاهرات دقيق ومتناهى، الدروس التى يعلمونها لضباطهم فى القمع والاستبداد و"الخزوقة" مركزة ومتقنة، بينما تقف على الجانب الآخر نفس هذه الأنظمة بوجوهها المستكينة، المتذللة، الخاضعة، القانعة، المتأهبة دائما لتنفيذ تعليمات "البيت الأبيض" والحصول على رضائه ودعمه، وزراء خارجيتنا فاشلون ومستفزون ومؤتمراتهم لا جدوى لها، والعالم الغربى لا تزعجه ولا يعيرها اهتماما، بياناتهم تدعوا للشفقة والضحك والبكاء معا، يتجلى ذلك أمامك وأنت تتابع، ما أسفر عنه اجتماعهم المطول بجامعة الدول العربية يوم الأربعاء الماضى، والذى خرج بتوصيات ليتها لم تخرج، إنها توصيات الشلل العربى وموات أعضائه "إكلينيكيا"، تأمل معى بعض توصيات بيان العجز العربى بتوقيع وزراء خارجيتنا. البيان طالب بنشر مراقبين دوليين لمراقبة وقف إطلاق النار فى قطاع غزة، وشدد على أهمية تزويد أهالى القطاع بالغذاء والدواء، وأيد استمرار المصالحة الفلسطينية ودعوة الأطراف الفلسطينية للحوار، إلى جانب بنود الشجب والإدانة، المثير أن الوزراء العرب طالبوا مجلس الأمن الدولى بإصدار قرار لوقف العدوان الإسرائيلى، بينما تجاهلوا فى بيانهم موقف الإدارة الأمريكية من المجازر الوحشية ودعمها الكامل لإسرائيل، لاحظ هنا أن الإدارة الأمريكية "متفهمة" -بحسب تصريحاتها- لما يحدث فى قطاع غزة، فى رسالة واضحة وصريحة لدعم الكيان الصهيونى وتبرير مجازره بشأن الشعب الفلسطينى.

إذن، لا جديد فى جعبة الأنظمة العربية، ولا يجب أن نعِول عليها، رغم أنها فشلت حتى فى استخدام أوراق ضغط مهمة ومصيرية لوقف العدوان الإسرائيلى ضد المدنيين فى غزة.

اجتماع وزراء الخارجية العرب أظهر مدى الانشقاق والتباين فى مواقف الدول العربية، ففى الوقت الذى قادت فيه سوريا وقطر فريقا من الدول إلى عقد قمة عربية طارئة، رفضت دولا أخرى بقيادة مصر عقد هذه القمة، وهو ما أسفر عن تأجيل البت فى هذا المطلب إلى ما بعد معرفة النتائج التى سيسفر عنها اجتماع مجلس الأمن.

تصريح أبو بكر القربى وزير الخارجية اليمنى، عقب انتهاء اجتماع وزراء الخارجية العرب يؤيد نظرية العجز العربى وهواننا، القربى قال إن الدول العربية ليس أمامها سوى اللجوء إلى مجلس الأمن، وفى رده على سؤال حول جدوى التعويل على مجلس الأمن رغم مواقفه العدائية التى لا تخفى علينا، قال القربى: للأسف، ليس لدينا أى سؤال آخر سوى اللجوء إلى مجلس الأمن والعمل على أن يصدر قرارات وقف العدوان الإسرائيلى دون استخدام الفيتو(حق النقض).

من حق إسرائيل إذن أن تستعرض قوتها وتكشف عضلاتها وعوراتنا، ومن حقها أيضا أن تدك فلسطين وأية منطقة عربية مستباحة بالقنابل العنقودية والأباتشى والإف 16 وجميع أسلحة الإبادة البشرية المحرمة دولياً، من حق الصحف الإسرائيلية ووسائل إعلام الكيان الصهيونى أن تحتفى بتصريحات وزير خارجيتنا أحمد أبو الغيط، الذى برر عدم فتح معبر رفح بشكل نهائى إلا بإشراف قوات السلطة الفلسطينية التى يرأسها الرئيس الفلسطينى محمود عباس أبو مازن، ومراقبى الاتحاد الأوربى.

إلى متى هذا العبث الدبلوماسى بدعوى أن التعامل مع "حماس" هو اعتراف ضمنى بشرعيتها، وتقويض شرعية سلطة أبو مازن وحكومته؟، هل من الفطنة والذكاء أن يخرج أبو الغيط ليدين "حماس" لأنها أسقطت بعض الصواريخ على أهداف إسرائيلية، وهو ما يشكل استفزازاً لإسرائيل، بحسب وصفه؟.

يا سادة، حماس حركة مقاومة مسلحة، اتفقنا أو اختلفنا معها، ومن حقها أن تعوض عجز وتواطؤ الأنظمة العربية بالدفاع عن شعب غزة الأعزل، كما من حق الشعوب العربية أن تخرج فى الشوارع والميادين لتعبر عن غضبها واحتجاجاتها بشأن ما يحدث فى قطاع غزة.

وما تمارسه قوات القمع العربية بشأن شعوبها وتفريق مظاهراتهم بالهراوات والسياط والقنابل المسيلة للدموع، واعتقال الكوادر وناشطى بعض الحركات إنما يضاف إلى تكريس نظرية عجز واستبداد الأنظمة العربية.. أظنكم توافقوننى..

(اللهم لا ملجأ لنا منك إلا إليك، فلا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.. اللهم آمين).








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة