أفرج وزير المالية أخيرا عن منحة علاج الأدباء «المصريين» والتى تبرع بها أمير الشارقة، أعضاء مجلس إدارة اتحاد الكتاب اعتبروا زيارة يوسف بطرس غالى إلى اتحاد الكتاب انتصارا للمثقفين، وقد أدهشتنى كلمة «الانتصار» وأربكتنى, والتى جاءت على لسان حزين عمر فى «البديل» - التى نشرت صورته جنب صورة الوزير - أولاً بسبب الضحايا الذين لم يسعدوا بلقاء الوزير «الذى كان يعانى من انفصال فى الشبكية فى الشهرين الماضيين منعه من القراءة» وماتوا قبل أن يفرج عن الوديعة، ثانياً لم تكن معركة الاتحاد هى انتزاع أموال وطنية مصرية لصالح الأدباء المرضى الذين مات منهم على سبيل المثال لا الحصر فى الشهور الأخيرة الروائية نعمات البحيرى والشاعر محمد الحسينى، وعبداللطيف دربالة وعبدالرحمن درويش «من الإسكندرية» ود. محمد محسن «من كفر الشيخ», وأخيراً يوسف أبورية, لأن الدولة «عندها انفصال فى الشبكية» جعلها لا تقرأ الأوراق التى أمامها، وبدا أن الحكومة كانت فى معركة مع الأدباء والمثقفين، و«رضخت» لطلباتهم وحلت مشاكلهم، وذهب الوزير إليهم وعرض عليهم «أى خدمة؟»، فى حين أن القضية برمتها مهينة، ولا أعرف «هل لو لم» يتبرع حاكم الشارقة «وهو رجل محترم ومحب ولا يستعرض عضلاته» هل كانت «المعركة» اندلعت؟ وحدث الانتصار؟ وهل هذه أيام انتصارات؟ المنحة بارقة أمل، ولكنها ليست حلا للمشكلة، إلى أن ينصلح الحال وينتبه النظام لمعنى ما حدث، ولن ينصلح الحال إلا إذا تحول الاتحاد إلى نقابة «حقيقية» ويعمل لصالح أعضائه، وينقى جداوله، ويكف عن العمل لصالح وزارة الثقافة التى نجحت فى «تأميم» العمل الثقافى العام وزرع رجالها ودعمهم فى معظم المواقع الأهلية، وزير المالية يريد بإفراجه عن أموال حاكم الشارقة أن يبدو عطوفا ومحبا للمثقفين ويخاف على حياتهم، فى الوقت الذى يقود فيه قطاع منهم «ليسوا أدباء وليسوا أعضاء فى اتحاد الكتاب» معركة وطنية ضده بسبب ضمه أموال التأمينات الاجتماعية للموازنة العامة للدولة، مخالفة للدستور واستهانة بمصائر الناس..
ففى الأسبوع الماضى أجلت محكمة مجلس الدولة الدعويين المقامتين ضده إلى جلسة 3 فبراير المقبل، والتى أقامتهما خمس منظمات حقوقية والخاصتان بالطعن على ضم موازنة التأمينات الاجتماعية للموازنة العامة للدولة، والدفع بعدم دستورية قرار وزير المالية الذى أدى إلى هذا الضم، والمطالبة بإحالة الطعن إلى المحكمة الدستورية العليا، ويطالب الحقوقيون بإثبات الحجم الحقيقى للأموال التى اقترضتها الحكومة من التأمينات، حيث قدمت حتى الآن ما يفيد اقتراضها 200 مليار جنيه، وهناك إلزام عليها بتقديم باقى المستندات التى توضح حقيقة الدين الذى يزيد على 300 مليار جنيه مصرى، الطعن مقام ضد رئيس الجمهورية لقيامه بإلغاء وزارة التأمينات وضمها لوزارة المالية، وضد وزير المالية لإصداره قرار 272 الخاص بضم موازنة التأمينات للموازنة العامة للدولة، وضد رئيس الوزراء لإصداره قرار تعيين وزير المالية رئيساً لبنك الاستثمار القومى، وهو ما منح وزير المالية - كما قال خالد على المحامى بمركز هشام مبارك لـ «البديل» - سلطات على أموال التأمينات الاجتماعية، الذى يحاول إخفاء الدين العام الداخلى بها، فالحكومة حصلت على 300 مليار، ولم تعترف إلا بـ 200 مليار قدم بها وزير المالية صكين، ومازالت عاجزة عن سدادها، وتعاملت معها باعتبارها جزءاً من الموازنة العامة للدولة، رغم أنها أموال خاصة، المشكلة الأساسية أن وزارة بطرس غالى تلعب بالنار، وتحاول حل مشاكل النظام باستباحة أموال التأمينات الاجتماعية التى تخص المواطنين الذين يوجد بينهم أدباء يموتون لأن وزيرا للمالية كان «تعبان شوية».