لعبة يصر عليها الحزب الوطنى قبل كل انتخابات، عندما يفتح ما يشبه المناقشة حول التفرقة بين الانتخابات الفردية والانتخابات بالقائمة. أرهق الحزب نفسه ودوخ خلفه أحزاب المعارضة منذ ثلاث دورات، وهو يعمل نفسه يطرح فكرة للمناقشة، يقول لهم إنه يريد استطلاع آرائهم عن الفرق بين الانتخابات بالنظام الفردى و بنظام القائمة، المعارضة تعمل نفسها تتناقش، وتنتهى إلى تفضيل القائمة، فيعود الوطنى ليسألهم على طريقة يهود البقرة: هل تفضلون القائمة النسبية أم المطلقة، فيردون فى نفس واحد: النسبية.
عندها يخرج الحزب الوطنى ويقول لهم: ضحكت عليكم، الانتخابات فردى.
الوطنى لم يمل من السؤال والأحزاب لم تمل من الإجابة، والانتخابات لم تتوقف عن التزوير.
ومن ألاعيب القدر أن الحزب الحاكم يصر على التاكيد أن الانتخابات بالنظام الفردى هى الأفضل لأن المواطن المصرى يحب أن يعرف نوابه، ومن يقولون هذا الكلام لا تنقصهم القراءة والكتابة، مع أن السادة بتوع الفردى يصورون الأمر وكأن الشعب المصرى هو الذى يختار النواب، مع أن المعروف والشائع والمعترف به أن الأصوات فى مصر إما تنتزع أو تشترى أو تزور.
الإخوة المتعلمون بتوع النظام الفردى يتصورون أنهم يضحكون على الناس بقصة أن المواطن يعرف نائبه، وأن فائدة النائب هى أن يحصل على واسطة يأتى بها بحقوق المواطن، مع أن الشائع فى النظم والدول الديمقراطية -لعنها الله- أن المواطن يحصل على حقه بالدستور والقانون، وفائدة النواب هى التشريع والرقابة، وليس التصفيق والحصول على توقيع الوزراء على الأتوجرافات والطلبات.
المشكلة أنه سواء أكانت الانتخابات فردية أم قائمة فإن الحزب الوطنى يحصل على الأغلبية، ويقدم نواب الصنف والنقوط وسارقى الأصوات و الغسيل وقاتلى الفنانات وهواة الاحتكار والاستحواذ. وحتى النواب الكويسين إذا كان هناك كويسين فإنهم نجحوا باتباع نفس الطريقة.
وبصرف النظر عن أفضلية النظام الفردى أو القائمة فإن الأصوات تصب فى صناديق الحزب الوطنى بعد إلغاء الإشراف القضائى وتغيير الدستور وتقنين البلطجة ورفض ترشيح من هم فوق مستوى الشبهات أو تحت مستوى السرقة، ويحرص فى عمليات الإحلال والتجديد على إحلال مؤيدين جدد بدلا من القدامى المشكوك فى ولائهم . المهم أنه يتم تزييف إرادة المواطنين علنا، لا فرق هنا بين فردى وزوجى، ولا بين شراء الأصوات بشيك أو فيزا أو وظيفة، وبين شرائه «كاش»، أو الضغط بالعائلة والقبيلة.
وهذه الضجة الكذابة لاعلاقة لها بمصلحة الجماهير التى لا يتذكرها الوطنى إلا فى الانتخابات، ويفضلون الفردى لأنه أسهل وأرخص، ويضمن السيطرة التامة لإنتاج نواب مدجنين يتحركون بالعصا والجزرة، وإشارة من أمين التنظيم سواء كان عز أو الشاذلى.
أما تخيير الناخب الذى لا حول له ولاقوه بين الفردى والقائمة، فهو مثل أن تعرض على مريض بالقلب أن تجرى له عملية تجميل لإزالة حسنة فى وجهه.