أكرم القصاص - علا الشافعي

وائل السمرى

مصر "السبوبة"

الثلاثاء، 13 أكتوبر 2009 07:14 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أرسل لى صديق قرأ مقالى المعنون بـ"أنفلونزا على سالم" رسالة على الفيس بوك تحمل رابط تحميل لمقطع من فيلم قديم، قمت بتنزيل المقطع فوجدت أغنية مطلعها: أبكى أنزف أموت/ وتعيشى يا ضحكة مصر/ وتعيش يا نيل يا طيب/ وتعيش يا نسيم العصر/ وتعيش يا قمر المغرب/ وتعيش يا شجر التوووت/ أبكى أنزف أمووت/ وتعيشى يا ضحكة مصر.

هذه أغنية فيلم "أغنية على الممر" المأخوذ عن مسرحية بنفس الاسم للكاتب المسرحى الذى كان كبيرا "على سالم"، جاءت الرسالة فارغة إلا من عنوان المقال ورابط الأغنية، فضحكت مرتين، المرة الأولى من المفارقة بين على سالم كاتب المسرحية وعلى سالم الذى تحول الآن إلى أكبر بوق لإسرائيل، شاهدت المقطع الذى جمع أجمل ما بالفيلم، أغانى العمال، الشقاء الذى تعرض له الجنود وهم يدافعون عن "الممر" حالة الجوع والعطش والأمل فى الغد أثناء التصدى للاعتداء، حتى صوت العدو وهو يهدد ويتوعد ويوعد ويعشم، وهنا انفجرت فى الضحك للمرة الثانية، قال الصوت: اسمع كل أفراد الموقع إن كنتوا عايزين تثبتوا أنكم أبطال أحنا معترفين ببطولتكم، سلموا وإحنا مش هناخدكم أسرى، فكروا فى أولادكم وأهلكم لما تموتوا التموين والذخيرة اللى معاكو مش هيكفوكوا، فكروا فى السنين اللى هتعيشوها لو استسلمتوا، فكروا فى مستقبلكم، قدامك دقايق وهننسف الموقع" قال الذى فى نفسه مرض من الجنود المصريين المحاصرين ناهرا أخوته الذين انتشوا بالغناء: أنتوا هتحاربوهم بالغنا؟ وجرى تلبية لنداء العدو، فانفجر فيه اللغم، ومضى البقية محاصرون ومحاصرين، يغنوا ويحلموا بمستقبلهم هم لا بمستقبل أعدائهم.

ضحكى فى المرتين لم يكن إلا تجسيدا لبيت المتنبى الشهير "وكم ذا بمصر من المضحكات ولكنه ضحك كالبكا"، وحينما سمعت صوت الإنذار بالهلاك من ميكروفون العدو تذكرت على الفور ما قاله الدكتور محمد عبد اللطيف فى مقاله المعنون بـ"ردا على وائل السمرى بل هى أنفلونزا زرع الكراهية" حينما بشرنى بجمال الغد إذا أحببت إسرائيل، وبمدى شفافيتها وسماحتها وتقبلها للآخر، وانتقد بالطبع أسلوبى فى زرع الكراهية "للأجيال المختلفة" وتطاولى على أستاذه "على سالم" أمام المبشرين بالعهد الإسرائيلى الحلو.

حلو.. سأفترض أن الدكتور محمد عبد اللطيف يصدق نفسه وهو يقول هذا الكلام، وسأفترض أننى أنا المقصود بهذا المقال لا أن يثبت الكاتب ولاءه وتلمذته لأستاذه وأسياد أستاذه، وسأفترض أيضا أننا فى حوار أفكار، لا فى تبادل اتهامات، وسأسأله أن يأتى بدليل واحد يصدق ذهب إليه.. أنا لم أكلف نفسى بالرد عليه لكنى وضعت أمام تلميذ على سالم "الجديد" على سالم "القديم"، وضعت "الأغنية" التى صمدت مدافعة عن الممر، أمام "الممر" على سالم الذى يسلكه الإسرائيليون الآن برحابة وترحاب.

ولأن الضحك بالضحك يذكر، فلم يكن تبشير "عبد اللطيف" لى بجمال إسرائيل هو الشىء المضحك الوحيد فى المقال، عدة تصنيفات أشبه الاتهامات ألقاها فى وجهى الدكتور عبد اللطيف، أهمها أنى "قومجى شمولى ناصرى إسلامى" و"بتاع شعارات" وأغانى، ولا أفهم كيف يورط دكتور جامعى نفسه فى إطلاق هذه التصنيفات التى يحسبها اتهامات دون مثلا أن يكتب أسمى على جوجل ليعرف أنى لا أنتمى إلى هذه التيارات من قريب أو بعيد، ولينظر مثلا فى مقالى المنشور فى اليوم السابع بعنوان "عفوا أستاذ جلال أمين أنصاف الحقائق لم تعد تنفعنا" ليعرف أننى لست ناصريا على الإطلاق، ولست أرى فى عبد الناصر إلا "حاكم" أضره حسن نيته وسوء طوية أصحابه إلى أن وصلنا إلى هذا الحال المزرى بعد أن هدم أركان الدولة المصرية بمؤسساتها الشامخة كالقضاء والجامعة والبرلمان، ولينظر أيضا فى مقالى المعنون بالشيخ شايلوك ليعرف ويتأكد أننى لست من المحسوبين على التيار الإسلامى، ولكى لا يسترع البعض فى الحكم على، أنا لا أعتبر هذه التيارات سبة فى جبين من يتبعها، لكنى مثل معظم جيلى من الكتاب والمبدعين الشباب أصبحنا لا نكترث كثيرا بالتصنيفات، وللحق أصبحت هذه التصنيفات أيضا تثير ضحكاتنا وتندرنا، "علمانى مستغرب" .. وماله، "إسلامى رجعى.. " مفيش مانع، "شيوعى ديماجوجى" ..ميضرش، "إمبريالى متعفن" ..ولا يكون عندك فكرة، "خائن وعميل ومرتزق".. ولا كأنك قولت حاجة، "قومجى بعثى حنجورى" حنجورى يا مه حنجورى تاه وهيرجعلى ضرورى، "حزب وطنى ومباحث" كركركركر، فزاعات يبتكرها الناقصون غير القادرين على الوقوف بصلابة أمام من يختلف معهم فى الرأى، فزاعة بعد فزاعة، وما علينا إلا أن نقول "ألحقينى ياماما".

الغريب الذى أصبح غير غريب أن الجميع يزيل كلامه بصبغة الدفاع عن مصر، مصر هى السبوبة الكبرى التى لا يستحى أحد منها ولا يتورع فى الافتراء عليها، فتح المزاد يا على مصر وليأت المتبارون، لكن "الأفيه" الكبير هو أن نحب أعداء مصر عشان مصر، أتعجب وأسأل الأستاذ الدكتور كيف تحب أحدا وتحب من يعاديه فى ذات الوقت؟ أعرف أن الحب أسمى المشاعر وأنبلها، لكن كيف يجتمع حبى للشىء وحبى لمن يعاديه؟ وإن كنت تعيب على أنى أجلس فى الغرف المكيفة وأنادى بكراهية أعداء مصر، فأنت أيضا تجلس فى الغرف المكيفة وتنادى بحبهم، وشتان ما بين الحالين، يا سيادة الدكتور لاشك فى أن الحب أجمل من الكراهية، ولا شك فى أن السلام أفضل من الحرب، لكن الخطر أن تحب من يكرهك، وتسالم من يعاديك.

مصر المحروسة مصر المفروسة، مصر البسبوسة، مصر المنحوسة، مصر المحروقة، مصر المنكوبة، صفات عدة التصقت بمصر مؤخرا، والأحدث الآن هى مصر السبوبة، فليقل كل امرئ ما يريد وليتاجر المتاجرون ببضاعتهم بلا حياء مثلما يريدون، فهناك دائما من يقفون على الممر يغنوا "وتعيشى يا ضحكة مصر".








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة