أيقظنى عمر العمر صباحاً على الهاتف بعدما يقرب من خمس سنوات من الغياب، اشتقت فيها إلى صوته الذى لم ينقطع عنى طوال ثمانِ سنوات بدأت من عام 1998 وحتى عام 2005، كنت خلالها نائباً لمدير مكتب جريدة البيان الإماراتية، وكان عمر العمر السودانى الجنسية، والعروبى الهوى رئيساً لقسم العربى والدولى فى الجريدة،عرفت عمر العمر إنساناً جميلاً وموهبة صحفية فذة تعرفها الصحافة الخليجية أكثر مما تعرفها الصحافة المصرية، ولأنه كذلك فهو من صنف البشر الذين يعرفون أقدار وقيمة الناس الذين يحملون أمانة الكلمة قولاً وفعلاً وتحريراً.
ومن هذه الخلفية جاءنى صوته باكياً صباح الاثنين بعد الخبر الذى تلقاه من وسائل الإعلام، وكان يحمل وفاة المفكر والعالم والكاتب الفذ الدكتور محمد السيد سعيد، الذى عمل لشهور قليلة مديراً لمكتب البيان فى القاهرة.
أعلم أن فرصة التعارف الشخصى بين الاثنين لم تكن أكثر من ساعات على مدى أيام متقطعة تمت بينهما فى دبى، كان عمر العمر يعرفه قبل ذلك من خلال القراءة له بوصفه مفكراً من الطراز الثقيل، لكن ساعات دبى التى لم تزد بحسابات الزمن عن كونها ساعات، كانت مفتتحاً لأن يعرفه أكثر، وبفضلها حمل عمر (السودانى) اسم وشكل محمد السيد سعيد (المصرى) فى قلبه وعقله، ليتوحدا تحت راية البحث عن مخرج للهم الإنسانى والمأساوى لأمتنا العربية المنكوبة.
تلقى عمر العمر الخبر الفاجعة، فاتصل بى كى نعزى بعضنا، ونتبادل كأس الصبر، قلت له: "لقد أراحه الله من آلام المرض وقسوته" فرد: "أراحه الله لكنه يا أخى ترك لى حزناً مقيماً"، فقلت: "تركه لكل محبيه"، كنت أشعر بدموع عمر صاحب القلب النبيل رغم أن التليفون لا يحمل إلا صوتاً، ونقلتنى أحزانه إلى موجة أخرى غير موجة الأشواق التى تصورت أنها دافع اتصاله بى، وهى كيف لإنسان مثل محمد السيد سعيد يترك فى ساعات قليلة أثره البالغ فى الآخرين؟، إنه السر الربانى الذى ينفحه الله فى بعض عباده، ويقول لكل عباده حبوا فلاناً لأنى أحبه، وكان راحلنا العظيم من هؤلاء العباد الذين ترك الله فيهم نفحة، فليرحمه الله وكل العزاء لأهله، وزوجته الزميلة نور الهدى زكى.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة