حتى الحرامية أنواع وأشكال وحظوظ. هناك لص يسرق مليون جنيه يعاقب إذا وقع متلبساً مثل لص يسرق خمسين جنيها، وصوابعك مش زى بعضها، والدنيا حظوظ وأرزاق، ناس حظها كويس وناس حظها مش ولابد. وأعرف لصاً كان يصر على السرقة مع أنه أخيب لص فى العالم، فقد كان يخرج من السجن ثلاث سنوات، وبعد أسبوع يعود للسجن فى قضية سرقة دكر بط أو حلة أو غسيل. ولم يعترف أبداً أنه فاشل، مع أنه كان كلما سرق أو حاول السرقة يتم القبض عليه متلبسا، فى مسروقات تافهة، يدخل السجن ليخرج ويعاود الكرَّة.
كان صاحبنا يظن أنه لص كبير، لكنه كان يرجع الأمر كله لسوء الحظ. ولم يتطور فى عمله إلى لص مساكن، أو محلات، كان يعمل وحده. واتضح أنه كان ضعيف النظر والسمع، وهى صفات لا تسمح بإنتاج لص محترف، كان الضحايا يرونه ولا يراهم ويسمعوه ولا يسمعهم، ثم أنه كان يفضل السرقة بالنهار لأنه لا يرى فى الليل. ومع هذا فقد ظل يحاول السرقة ويضبط متلبساً، فيدخل السجن، حتى رحل وهو يظن نفسه لصاً لم تواتِه الفرصة أبداً.
ومثله كان "م" الذى ظل سنوات طويلة يحلم بالثراء، وقرر أن يتاجر فى المخدرات، وفى اليوم الأول له التقى بالتاجر بعد إلحاح، وفى أول صفقة سقط متلبسا واعترف على نفسه وعلى التاجر ودخل الاثنان السجن، وأقسم تاجر المخدرات الكبير أنه لن يعمل مع الفاشل، الذى أعلن توبته، قبل أن يبدأ.
والقانون لا يفرق بين مختلس الجنيه ومختلس المليون، ومن يسرق مال البنك مباشرة لص، ومن يأخذ مال البنك برضا البنك يسمى متعثراً.
ذكرتنى بهؤلاء متابعة أحوال بعض اللصوص والمختلسين خلال الأيام الماضية، ورأيت كيف أنهم ليسوا متساوين فى الحظوظ، فقد صدر حكم بالسجن المؤبد على موظف بالتأمين الصحى اختلس معدات وأدوية بـ81 ألف جنيه بتهمة خيانة الأمانة.
وموظف إدارة تعليمية سرق ختم النسر لزوم العمل فى التزوير وسوف يحصل على المؤبد، فى قضية أموال عامة بينما نصاب زور بطاقات ائتمان بنك واستولى على مليون جنيه، فى الغالب سيدخل السجن 7 سنوات، وحتى لو أخذ مؤبداً فإنه أخذه على مليون جنيه. ولم يتحدد مصير المتهمين، فى قضية القرصنة الإلكترونية الدولية.
يلتقى فى السجن لصوص الغسيل مع لصوص البنوك والنصابين والمتعثرين أحيانا. ليأكلوا فى "أنجر" واحد، ويغلق عليهم باب عنبر واحد، مع أنهم أشكال وأنواع، ولهذا يقول المثل الشعبى الذى اخترعه لص خائب"إن سرقت اسرق جمل"، ولأننا لم نعد فى عصر الجمال، يفترض أن يتغير المثل "إن سرقت اسرق بنك.. وسافر بره".
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة