لا نعرف ما هى حكاية السيديهات التى انفجرت فى البلد. ولا عدد السيديهات الصوتية والضوئية التى سوف يتحفنا بها فريق مخرجى «الإخراج»، لينشغل بها الناس عن الغلاء والأنفلونزا والدوسنتاريا.
لأن انكلستوما السيديهات أصابت قطاعا من بنى وطننا، فتحولوا إلى «سيديهاويين» يفضلون الفضائح ويحبون الشرشحة. يشاركهم هذا العشق فريق «أعطنى فى الهايفة أطلق يديا»، فى فضائيات تعيد وتزيد. وكل من يفبرك خبرا يعلن أن «السى دى لايزال فى جيبيه وفى يده»، لنكتشف أنه صور نفسه وهو يكلم نفسه، ويحكى عن الأدلة والبراهين الوهمية.
ومن كثرة الإلحاح واللت والعجن فى الفضائيات والأرضيات والترابيزات يتصور المرء أن مصر كلها متفرغة لمتابعة حكايات «السيديهات»، ولم يعد السؤال التقليدى عن آخر الأخبار أو آخر نكتة بل «إيه آخر سيديهاية». يوم أو يومان وينصرف الناس إلى سيديهاية أخرى بعد تغيير الأبطال والكومبارس. وأصبح لدينا نجوم يظهرون ويتحدثون ليس عن تأخر التعليم أو الرى بالمجارى والأكل من المجارير، لكنهم يصرون على جرنا إلى عالم الفضل والبواقى والفضلات.
الأمر لا يتعلق فقط بالسى دى «شوبير/ مرتضى»، بل بنموذج يجعل من التجسس صحافة، ومن التشنيع والتشهير حرية رأى. ويصبح أفضل سبق صحفى هو تسجيل مكالمات الناس بدون إذنهم أو إذن النيابة، وإذاعتها على الهواء، وسط كركعة وقهقهة. ومن تبادل السيديهات تعم الفائدة. كان يمكن للمستشار مرتضى منصور أن يصبح أحد النجوم الحقيقيين لو تخلى عن نظرية «السيديهاية» لما يفيد أكثر، فهو مقاتل شرس ومحام ضليع، لكنه يفضل قضايا «الأون لاين»، وماذا يفيد الإنسان لو سجل سى دى وخسر نفسه. وأصبح جزءا من قصة كوميدية، ودعوى الفائز فيها خسران.
وأراهن لو دلنا أحد من العارفين ببواطن الأمور، ومكامن السيديهات، عن السبب الأصلى للخلاف بين شوبير ومرتضى، أو ما تحتويه سيديهاية «عبده مغربى فى شائعة نور الشريف»، وما هى الفوائد العظيمة التى جنتها الأمة من عبقرية ومهنية الآنسة «إشطة»، أو قضية الأستاذ عبده..
كل ما جرى أنهم ركبوا الهواء، واستعذبوا اللت والعجن والحكايات المملة، وتم استرجاع أو «ترجيع» محتويات السيديهات على أسماع المشاهدين، ليزيدهم تنويرا ويمتعوهم بأكثر جمل الحوار شرشحة.
لا نعرف أين ذهب السى دى الجنسى الذى قال منصور إنه فى جيبه، وانتهى إلى سيدى غير جنسى، يمثل أول وأكبر سبق للأستاذة «إشطة». ولا نعلم أين أدلة البلاغ عن شبكة الفن، لا يوجد.. ولم ينتبه هؤلاء إلى أنهم يلعبون بالنار، وأن ما يفعلونه فى الآخرين يمكن أن يحدث معهم، وأن الخصوصيات أصبحت نهبا لكل من هب ودب وسجل، بدون إذن، وبدون فائدة. ويسقط ميثاق الشرف فى مغامرات الآنسة «إشطة» والأستاذ عبده.
ومن «السى دى» الرياضى، إلى «السى دى» الصحفى، الذى ظهر فى الآفاق بعد خطيئة البلاغ، ونشر شائعة فى صورة خبر، تمس فنانا كبيرا فى حجم نور الشريف، وبدلا من الاعتراف بالحق، أخذت الأستاذ عبده مغربى العزة بالإثم، وخرج على الناس شاهرا «السيديهاية»، ويعلن أن الأدلة والأقوال والشهود كلهم فى السيديهاية، التى هى فى جيبه، دون أن يسأل نفسه عن الدرس المستفاد والفائدة التى سقطت على رأس القارىء من سبقه الصحفى. ولا من سبق الآنسة «إشطة».
ولايسلم الشرف الرفيع من الأذى، حتى تراق على جوانبه «سيديهاية». وماذا كسب القارئ أو المشاهد أو المواطن غير قلة القيمة.