الجميع يتحدثون عن آثار وانعكاسات زلزال "تقرير جولدستون" الذى ضرب المناطق الفلسطينية وكان مركزه الكرسى الذى يجلس عليه "أبو مازن" فى رام الله، وكان من تأثيره أن اتخذته "حماس" ذريعة لعدم التوقيع على اتفاق المصالحة الفلسطينية الذى قدمته الورقة المصرية فإن توابع الزلزال قد أضعفت الموقف الرسمى الفلسطينى ومكانة القيادة الفلسطينية على المستوى الداخلى، وهذا يخدم رغبات رئيس الوزراء الإسرائيلى "نتانياهو" الذى ما زال يؤمن بأن "أبو مازن" ليس هو الشخص الملائم الذى يمكن أن يتم التوقيع معه على اتفاقيات سلام، ويدعم موقف "نتانياهو" لتسويق أفكاره حول استحالة التوصل إلى اتفاقيات دائمة مع الفلسطينيين فى هذه المرحلة.
كما أن بعض التيارات داخل حماس قد أعلنت بصوت مسموع بأنها ترفض تقديم أية تنازلات تسمح بعودة السلطة الفلسطينية إلى إدارة الأوضاع والاحتياجات اليومية فى قطاع غزة التى تهيمن عليه حماس، وتعتبر هذه التيارات من التيارات القوية والمقربة من قيادات الجناح العسكرى فى الحركة وخاصة أولئك المتواجدين داخل قطاع غزة وفى مكاتب الحركة فى دمشق، حيث يشن الإعلام الحمساوى الموالى لها هجوما ضاريا ضد السلطة الفلسطينية بقيادة "أبو مازن" الفتحاوى بحيث تفوق هذه الأيام الإعلام الحمساوى على نظيره الفتحاوى الذى يشكل إعلام السلطة الفلسطينية الذى كان مسيطرا فيما مضى بعد أن فقد بريقه لابتعاد إعلاميين فتحاويين لوجود خلافات بينهم وبين "أبو مازن" مع أن الإعلام الحمساوى وحركة حماس تدرك أن أسهمها فى الشارع الفلسطينى قد تراجعت بشكل كبير بعد سيطرتها على قطاع غزة وقد جاء "تقرير جولدستون" لتحاول حماس تحويله إلى طوق نجاة شعبى تحاول أن تسترد به شعبيتها التى تراجعت فى الشارع الفلسطينى بعد احتلالها لقطاع غزة وفى محاولة منها للتأكيد على أنها البديل الحقيقى والقوى للحفاظ على الحقوق الفلسطينية التى يفرط فيها منحرفو فتح كما يقول الحمساويون مما عمق الخلافات بين فتح وحماس وتحاول الورقة المصرية ردم البئر الذى حفر بينهما.
الأساس الذى قامت عليه الورقة المصرية يتركز فى نقطتين أساسيتين: الأولى تقول بأن السلام مع إسرائيل أمر حتمى وسوف يؤدى حتما إلى قيام الدولة الفلسطينية لا محالة وبذلك لا بد وأن تتم الترتيبات فى كل عموم البيت الفلسطينى على هذا الأساس.
والنقطة الثانية هى أنه هناك شرعية فلسطينية واحدة وحصرية ترجع إلى "منظمة التحرير الفلسطينية" والسلطة الفلسطينية برئاسة "أبو مازن" الذى هو زعيم فتح وهم جميعا شركاء مع إسرائيل فى عملية السلام، أما تفصيل هاتين النقطتين فى بنود تفصيلية فقد أتى فى عدة بنود كان أهمها:
أولا: أن تجرى الانتخابات التشريعية والرئاسية وانتخابات المجلس الوطنى الفلسطينى فى النصف الأول من العام المقبل(2010)، على أن تكون انتخابات المجلس الوطنى بالنظام النسبى الكامل وتكون انتخابات التشريعى بالنظام المختلط 25% دوائر و75% نسبى، وأن يجرى تقسيم الوطن إلى 16 دائرة انتخابية 11 دائرة فى الضفة الغربية وخمس دوائر فى قطاع غزة.
ثانيا: تشكيل لجنة أمنية عليا بمرسوم رئاسى من رئيس السلطة ويجرى الاتفاق على ضباط مهنيين بالتوافق يخضعون لإشراف مصرى، وتتولى هذه اللجنة مهمة إعادة بناء الأجهزة الأمنية على أساس مهنى بمساعدة وإشراف مصرى على أن يكون هناك ضمان وظيفى لكل الموظفين العموميين، وفور التوقيع على الاتفاق يتم البدء باستيعاب ثلاثة آلاف عنصر من الشرطة والدفاع المدنى والأمن الوطنى، ويتزايد هذا العدد تدريجيا وصولا لإجراء الانتخابات على أن يضمن المصريون والعرب مستلزمات إعادة بناء الأجهزة الأمنية.
ثالثا: تشكيل لجنة خاصة تتولى المساعدة فى تنفيذ الاتفاق وتنسيق المهمات والتعامل مع الجهات المعنية المختلفة لتهيئة الأجواء للانتخابات وإجراء المصالحات الوطنية والتحضير والبدء فى إعادة إعمار غزة، رابعا: تحديد قوائم المعتقلين فور توقيع الاتفاق وفق الوضع الحالى وتسليم القوائم لمصر ولمؤسسات حقوقية وقانونية ويقوم كل طرف بالإفراج عن المعتقلين الموجودين لديه، على أن يسلم كل طرف قائمة بالأسماء التى يتعذر الإفراج عنها.
وسوف تبقى الورقة المصرية مجالا للأخذ والرد.