بلد مؤتمرات صحيح!.. نحن نعيش فى بلد كلما حاول واحد من مسئوليها أو حتى معارضيها أن يثبت للناس فى الشارع أنه يعمل ويجتهد من أجل مصالحهم ومصالح الوطن العليا.. تمختر وشد حيله ونصب صوانا وصرخ لعدة دقائق بخطبة تمتلأ كلاما، المفهوم منه أقل مما يعرفه المصريون عن اللغة الصينية، والوعود التى تملأ سطور خطابه نحفظها جميعا نحن المصريون، وإذا طلبت من أى مواطن فينا ذكر 100 منها ستكون أقل درجة لأغبى واحد فينا 10 على 10.
هكذا يفعل مرشحو مجلس الشعب وأعضاؤه فيما بعد. وهكذا يفعل الحزب الوطنى ورئيسه، يمر الشهر وراء الشهر من كل عام ولا تسمع ولا تقرأ عن الحزب المصون سوى فضائح أعضائه وفساد كبار قياداته ومعارك رجاله على منصب هنا أو قطعة ملك الدولة هناك، باستثناء ذلك لن تقرأ أو تسمع سيرة الحزب الوطنى، إلا حينما يرد ذكر اسم جمال مبارك مقترنا بمنصبه كأمين للحزب الوطنى الديمقراطى كشهادة رسمية للإجابة على كل من يسأل عن شغلانة نجل الرئيس فى البلد؟ أو موقعه من الإعراب الوظيفى؟ أو سر تدخله فى شئون مصر ومستقبلها.
وحينما يقترب موعد المؤتمر السنوى للحزب الوطنى الديمقراطى فإن كل حنفية فى أى مكان فى مصر قصرا إن كان أو زقاقا فى كفر من كفور الصعيد سينزل منها شعار الحزب وفكره الجديد قبل المياه.. وهذا يفسر لك بالطبع لغز تلوث المياه فى مصر. يأتى موعد المؤتمر السنوى للحزب الوطنى وتنتفض وسائل الإعلام الحكومى ولوحات الشوارع الإعلانية فى التمهيد للشعب المصرى بأن هناك ثورة تصحيح قادمة، وأن مؤتمر الحزب هو الكوبرى الذى ستعبر من فوقه مصر نحو مستقبل أكثر إشراقا من شمس أغسطس، ومثل كل مؤتمر ينفض السامر وينتظر المواطنون الجزء التالى من مسلسل "وعود.. ولكن كاذبة" الذى ينتجه الحزب الوطنى بالتخصص، وباستثناء التحركات الطفيفة فى توزيع المناصب التى شهدتها آخر أربعة مؤتمرات للحزب وإعادة انتخاب الرئيس مبارك رئيسا للحزب بالانتخاب الوهمى كما حدث فى المؤتمر الماضى وسيحدث فى المؤتمر القادم فلن تجد للمؤتمر أى حصاد باستثناء ما يرى المراقبون أنه تمهيد لنجل الرئيس جمال مبارك من أجل الوصول للسلطة، وترسيخا لفكرة الحزب الأوحد.
المشكلة أن الكذبة التى تحمل اسم الحزب الوطنى الديمقراطى نبت لها عدة أكذوبات صغيرات يتم تضخيمها ونفخها وتصديرها للناس مع كل مؤتمر يعقده الحزب، ففى التعريف الذى ينشره الحزب الوطنى فى أوراقه الرسمية وموقعه الإلكترونى الرسمى يقول فى إجابة على من نحن؟بأنه: (حزب يفتح أبوابه لكل المواطنين على قاعدة المواطنة والهوية المصرية والمساواة الكاملة فى الحقوق والواجبات، ويؤمن بالقيم الدينية وبدور الدين فى تحقيق التقدم ونهضة الشعوب، ويسعى لتأكيد المسيرة الديمقراطية وبالدور الفاعل للتعددية الحزبية وتحقيق التنمية الاقتصادية، ورفع مستوى معيشة المواطنين فى إطار من العدل الاجتماعى، ويؤمن بأهمية التغيير الثقافى وتكريس قيمة التنوير والعلم كشرط لتحقيق التقدم، وبأن المصلحة الوطنية المصرية هى القاعدة الأساسية لرسم السياسة الخارجية)، ما سبق كان بطاقة تعريف الحزب الوطنى بنفسه، فهل تصدقه؟ الشواهد تؤكد أن تلك البطاقة بها قدر كبير من المبالغات والأكاذيب التى تخالف الواقع وبما أننا فى موسم المؤتمر السنوى- موسم تضخيم الأكاذيب- فجهز نفسك وجهز جهازك العصبى لتسمع الكثير من هذه الأكاذيب والمبالغات الضخمة، لأن مشاكل مصر كلها بفلاحيها وموظفيها وعمالها ستحلها تصريحات السادة المسئولين فى الحزب على شاشات التلفزيون وصفحات الجرائد، بينما نحن أبناء هذا الشعب الغلابة سنظل نأكل من تحت رجلينا!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة