سعيد الشحات

ساعى البريد فى زمن الإنترنت

السبت، 03 أكتوبر 2009 02:04 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يخطر فى بالى دائما سؤال عن مصير خطابات البريد فى زمن الإنترنت ورسائل المحمول، التى تنقلك إلى العالم فى نفس لحظة الحدث الذى تعيشه، وترغب فى نقله إلى الآخرين من أصدقاء وأعداء وأحبة.

كان ساعى البريد حتى زمن قريب هو الذى يحمل لنا فى حقيبته الخاصة بشائر السعد، ومقدمات الحزن ممن يبعدون آلاف الأميال عنا، وحسب نوع الخبر يتشكل وجدننا الخاص نحوه لحظة معرفة السر الذى يحتويه الخطاب.

الآن أصبح هذا الساعى طيفا لا نراه فى صورته التقليدية ببدلته المميزة ودراجاته التى يحمل عليها حقيبة الخطابات، أصبح صورة من الماضى نتذكرها كلما استمعنا مثلا إلى أغنية "البوسطجية اشتكوا من كتر مراسيلى"، وكلما شاهدنا الفيلم الرائع "البوسطجى" الذى جسد فيه الرائع شكرى سرحان دور البوسطجى الذى توصل إلى فكرة مجنونة للتغلب على وحدته، وهى فتح الخطابات لمعرفة أسرارها، وكانت النتيجة مقتل بطلة الفيلم (زيزى مصطفى) التى حملت سفاحا من حبيبها الذى غادر القرية، وظلت هى تنتظر خطاباته لعلها تجد فيها حلا لمصيبتها، وكانت بالفعل تحمل لها حلا، لكن البوسطجى الذى كان يتسلى بقراءة الخطابات، تقاعس عن أداء واجبه فى إرسال الخطاب تلو الآخر إلى المسكينة، حتى انتفخت بطنها فافتضح أمرها وطاردها أبوها "صلاح منصور" فى شوارع القرية حتى غرس السكين فى بطنها، وحمل جثتها مارا فى شوارع القرية ليغسل عاره، وانتهى الفيلم بقيام البوسطجى ببعثرة الخطابات حزنا وكمدا حين شاهد الأب وهو يحمل جثة ابنته.

ماذا لو كان الإنترنت أو المحمول فى الزمن الذى دارت فيه أحداث فيلم البوسطجى؟، المؤكد أن رسالة سريعة كانت ستصل فى التو واللحظة من الحبيب إلى الحبيبة تضع حدا للفضيحة.

أهم ما فى رسائل الإنترنت والمحمول اختصار الزمن والمسافات، وقتل شوق الانتظار وقلقه، عكس رسائل البريد الورقى التى يطول معها الزمن، ولهيب شوق الانتظار، بما يحمل هذا الانتظار من أخبار عن الأحبة والأصدقاء والمعارف، أين هم، وماذا يفعلون؟، بالضبط كما حدث معى منذ أيام حين فوجئت بتعليق على مقال لى من صديق هو عبد العظيم سليمان، أرسله عبر الإنترنت من حيث يعيش فى أرض الله الواسعة.

حين قرأت التعليق دار فى ذهنى سؤال: ماذا لو قرأ صديقى عبد العظيم مقالى فى نسخة الجريدة الورقية، ولو لم يكن هناك إنترنت ..هل كان سيكتب تعليقه فى خطاب ورقى ويرسله عبر البريد وأستلمه من البوسطجى، وهل كان سيترك تأثيره بنفس درجة التأثير الذى يأتى بعد نشر المقال عبر الموقع الإلكترونى بوقت قليل؟ إنه زمن التأثير السريع بسبب الإنترنت والمحمول.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة