سألته: مش الزجاج الفاميه مخالف للقانون؟
كان شاباً صغيراً، عمره أربعة وعشرون عاما، وضحك قال: ما هو مسموح للكبار اشمعنى إحنا؟!!
أجاب على سؤالى التالى رغم أننى لم أقله: فى اللجان أحيانا يتركوننى لاعتقادهم أننى ابن رجل أعمال أو مسئول كبير، وإذا سألنى الملازم أقول له وأنا بضحك يا باشا اللى بيخالفوا كتير .. يعنى جت عليا؟!!
هو ليس من أبناء الأثرياء أو المسئولين الكبار.. لكنه شاب بسيط يعمل سائقاً، حتى يستطيع الإنفاق على نفسه وعلى دراسته.. وبالتالى فليس له سند يحميه وقت اللزوم من عصف السلطة وبطشها.. فلماذا يفعل ذلك؟
لأنه مثلى ومثلك متأكد من غياب العدالة فى تطبيق القانون، وإذا لم يكن لديه النفوذ الذى يجعله مثل الكبار، فعليه المحاولة بطرق غير مشروعة مثلهم.. فكما قال لى: ما أنت عارف إن المصريين بيحبوا يخالفوا القانون.
الحقيقة إن المسألة ليست حبا وكرها، ولكنها تتعلق بافتقاد الشعور بالمساواة، فلا يمكنك أن تذهب إلى مصلحة حكومية فى أى مكان من إسكندرية إلى أسوان، وأنت مطمئن لأنك ستنجز ما تريد دون مشاكل.. ففى الأغلب الأعم تبحث عن واسطة من هنا أو هناك، وإذا لم تجدها، فمن المؤكد أنك ستحاول أن تجد منفذا أو طريقة لتدفع بعضا من المال، وكل ذلك حتى تحصل على حقوقك الطبيعية، والتى من المفترض أن تحصل عليها لأنك مواطن ولأنك من دافعى الضرائب.
فلماذا وصلنا إلى هذا الدرك الخطير؟
ليست لدى إجابة جاهزة وقاطعة، فالأسباب معقدة، فهذا الشاب الصغير الذى يبحث عن المساواة فى مخالفة القانون، يدرس الحقوق فى الجامعة المفتوحة.. وعندما سألته عن السبب، قال إنه يريد أن يكون وكيل نيابة.. ليس من أجل تنفيذ العدل والقانون، ولكن لأن هذه المواقع تمنح صاحبها وظيفة معقولة ومضمونة، لكن الأهم أنها تمنحه النفوذ، وفى ذات الوقت توفر له أكبر قدر من الحماية من بطش الكبار.
للأسف لم تعد العدالة فى بلدنا فى أن نكون سواسية أمام القانون، ولكن أن نكون سواسية فى مخالفة القانون.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة