أكرم القصاص - علا الشافعي

حمدى رزق

ضربت عليهم الذلة والمسگنة..

الثلاثاء، 06 أكتوبر 2009 07:03 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قبل ستة وثلاثين عاما كان هذا المشهد..!
مئات من جند العدو، زائغى الأبصار، مذهولين، ضائعين، على الأرض جلسوا وقد عقدوا أيديهم أمام سيقانهم، وعلى وجوههم آيات الهزيمة والانكسار المبين.

هؤلاء من قالوا عنهم إنهم الجيش الذى لا يقهر.. هؤلاء من قالوا عنهم إنهم يحتمون فى خط دفاعى هو الأقوى فى تاريخ الحروب الحديثة يحمل اسم الجنرال المهزوم بارليف.. هؤلاء من قالوا عنهم إنهم يمتلكون أحدث وأخطر جيش فى الشرق الأوسط .. هؤلاء من احتلوا فى 1967 أراضى ثلاث دول عربية إضافة لدولة عربية كاملة ابتلعوها فى 1948.

الآن يجلسون فى هذا المشهد منهزمين منكسرين مشردين وتحت أيدى المصريين سقطوا مأسورين، بعد أن سقطت حصونهم سواترهم وموانعهم، كالفئران المذعورة فروا من ضراوة المصرى الباسل المقاتل، تركوا سلاحهم شرفهم العسكرى، إن كان للمحتل من شرف! للمصريين، واعترفوا بهزيمتهم الفادحة على شاشات العالم، وصار أقصى أملهم أن يعفو عنهم المصريون ويعيدوهم إلى ذويهم.

ضربت عليهم الذلة والمسكنة على أيدى المقاتل المصرى الجسور، الذى قصم ظهر جيشهم فى سيناء، الضربة الجوية شلت حركتهم وأعمت قيادتهم وكبدتهم الخسارة المؤكدة، ومعارك الدبابات طحنت عظامهم، وجعلت من جيشهم مثالا يضرب فى الجبن والفرار، وألحقت به خسائر لم تلحق بجيش آخر فى الشرق الأوسط فى أية معركة برية، الذلة والمسكنة أحاطتا بهم من الأمام ومن الوراء، المصرى يهتف: الموت أو الشهادة، والإسرائيلى يهتف: النجاة النجاة!

جولدا مائير تستغيث بديان وتقول له: أنقذنا.. إسرائيل تسقط، وديان الذى يدعى العبقرية العسكرية لا يستطيع أن يفتح فمه بحل للنكبة، التى أوقعها الجيش المصرى المنتصر بجيشه المهزوم!

جلس الأسرى ينظرون إلى ما صنعت أيديهم، وإلى المصير الذى زج بهم إليه قادتهم المغرورون بقوتهم، هل من المعقول أن ينتفض المصريون فى ست سنوات من الهزيمة إلى نصر مبين؟ وأين الدعاية التى كانوا يلقنونها لنا فى إسرائيل قبل أن يزجوا بنا إلى الجبهة من أن المصريين مهزومون لا محالة؟

اكتشف هؤلاء الأسرى تلك الخديعة التى ألحقها بهم القادة الإسرائيليون الكاذبون شاربو الدماء، ولعل هذا هو ما يفسر نظرات الذهول فى عيونهم وهم جالسون على الأرض مستسلمين لأسود مصر، الذى لم يكن أمامهم سوى معاملتهم معاملة حسنة، فتلك أخلاق العسكرية المصرية، وقيم ابن البلد المصرى الأصيل، وهو ما عمق شعور هؤلاء بالمهانة والذلة.. الإسرائيليون اعتادوا إهانة الأسرى وقتلهم، فما بال المصريين يحسنون إليهم؟ ياللعار الإسرائيلى، وياللكذب، وياللمذلة.

تلك هى حقائق الأرض والدم التى نحتها التاريخ بحروف غير قابلة للتزييف الذى دأب الإسرائيليون على تزييفه، هزيمتهم فى 1973 كانت كعين الشمس، والحقيقة كانت فى مرارة العلقم فى حلوقهم، وأساطيرهم وأكاذيبهم التى نسجوها حول قوتهم التى لا تقهر أصبحت كجثة عفنة منتنة تحت أقدام جنودنا الأبطال.

استوعب الإسرائيليون درس جيش المصريين جيدا، الدرس الذى لقنهم الهزيمة العسكرية الوحيدة فى تاريخهم، وذكرهم بحالة المذلة التى وقع فيها جيشهم بالكامل، أصبحت مذلة قادتهم وضباطهم وجنودهم وأسراهم عقدة لدى العسكرية الإسرائيلية برغم مرور كل تلك العقود.عقدة اسمها الجيش المصرى والقوة المصرية والعقيدة القتالية المصرية.

واتسع رحاب هذا الدرس الذى ترسخ فى ذهن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية المهزومة، أصبحوا يعرفون جيدا أن هذا هو المصير المحتوم لمن يعتدى على شبر من الأرض المصرية، أو يمس السيادة أو الكرامة الوطنية المصرية بأية صورة من الصور.

تقطع أيدى وأرجل المعتدى أيا كانت القوة التى يدعيها، يبوء بخسران مبين مهما تحصن فى أبراج من الفولاذ ومهما اقتنى من سلاح حديث، ومهما بالغ فى استعراض قوته، إنه فقط يستأسد على الضعفاء، أما مصر فخط أحمر، هذا هو درس أكتوبر المجيد، المصريون جنود إلى يوم القيامة مرابطون، وعدوهم - أو الذى اختار أن يعاديهم!- عليه أن يتقبل الهزيمة المؤكدة، وأن يتذكر (الذلة) التى ضربت على الجيش الإسرائيلى فى حرب العبور المجيدة.

إنه الدرس الذى يتجدد كل عام فى ذكرى النصر المصرى الباهر، نفرح به وتتجدد عزائمنا، ويصيبهم الهم والغم ويعرفون أن درس المذلة باق باق، والويل لمن يعادى المصريين!
• نقلاً عن المصور









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة