أظن أنك مثلى لا تريد استمرار الإرهاب الذى مارسته ضدك آلة التعليم فى بلدنا، مدرسين وموظفين ووزارة وأولياء أمور.. الخ. وأظن انك مثلى قرأت كثيرا من الأفكار الإصلاحية التى تريد وقف إنتاج بشر مشوهون يساندون بكل قوتهم آلة الاستبداد والتخلف التى تنهش عقل وقلب أولادنا.. بل ومن المؤكد أن لديك حلولا .. وفى النهاية قلت لنفسك ينفذوا أى حل يعجبهم بس يصلحوا.
هذا المعنى الأخير هو "مربط الفرس"، أى تركنا كل شيء فى يد وزير التعليم وحكومته وعموم السلطة الحاكمة، وبما أن الوزير وحكومته لا نختارهم بحرية، ولأننا لا نملك طرقا ديمقراطية سلمية لتغييرهم ومعهم رئيس الجمهورية، لا يبقى أمامنا سوى الاستسلام لهم، ولصدفة أن يأتى من بينهم من ينصفنا نحن الغلابة .. وهذا أمر نادر، وحتى لو حدث، فليست هناك ضمانات ديمقراطية لاستمرار الإصلاح لأنه لا يوجد قوى تحميه.
فما المقصود بقوة تحميه؟
أى أفكار إصلاحية ستظل معلقة فى فراغ النخبة، وليس لها وجود فى الواقع، إلا إذا ارتبطت بقوى اجتماعية، أى ترتبط بأصحاب مصلحة فى تفعيلها، واقصد هنا المصلحة المباشرة، فهم القوة الفعالة فى تحقيقها والقوة الفعالة التى تحميها .. وبدون ذلك سيأكل اليأس قدرتنا على التغيير.
وفى حالة التعليم هناك قوة بالفعل مسيطرة وحاكمة، اقصد بها قوة الوزير وحكومته وقوة أصحاب المدارس والجامعات، الأولى عشوائية رغم بطشها، لأنها لا تملك وجهة نظر محددة تريد تطبيقها، والثانية تحاول منذ سنوات تنظيم نفسها ونجحت الى حد بعيد فى تحقيق مصالحها، وفى الأغلب الأعم لا يوجد تناقض ضخم بين القوة البيروقراطية للوزير وحكومته وبين مُلاك المدارس والجامعات.
أما القوى الغائبة عن التأثير فى بيزنس التعليم وتوجهاته، فهم أولياء الأمور، أى الذين يمولون العملية التعليمية بأموالهم التى يدفعونها مباشرة أو بالأموال التى يتم اقتطاعها من ميزانية الدولة أى من أموال دافعى الضرائب، والدور الذى يعلبه أولياء الأمور فى المدارس تقريبا صفر. ومثلهم المدرسين، فرغم أنهم لاعب أساسى فى صياغة المعادلة لا تأثير لهم، فنقابتهم اختطفتها السلطة الحاكمة، ومثلهم الإداريون فى العملية التعليمية، فهم الذين يديرون ماكينة الإنتاج، ولكن لا وجود لهم.
فكيف نفعل القوى صاحبة المصلحة فى التغيير للوصول الى نقطة توازن مع القوى المسيطرة؟
سأحاول الإجابة غدا.
موضوعات متعلقة:
الرعب من التعليم
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة