مى الشربينى

حرب لسنا فيها طرفا

الخميس، 19 نوفمبر 2009 10:27 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم أكن قد التقيت بأى مسلم شيعى حتى انضمامى لقناة العربية عام 2002، باستثناء مقابلات عابرة قليلة. بعد وقت قصير من وصولى إلى دبى حلّ يوم عاشوراء، وحينها لم يكن الخلاف بين السنة والشيعة قد طفا على السطح فى مصر، باستثناء دوائر ضيقة جداً. فى محاولة كوميدية ساذجة للتقرب من الزملاء الجدد، حملت معى إلى كافيتريا مبنى الشركة كمية كبيرة من «العاشوراء»، ما تعودنا فى مصر بدأت توزيع الأطباق مع دعوة «كل عاشوراء وأنتم بخير» لكل الزملاء ومعظمهم من لبنان. كان منهم مَن يرد الدعوة بكل سرور ومَن يسأل عن «طبق العاشوراء» إذ لم يكن قد تذوقه فى بلده، ولكننى انتبهت إلى أن هناك مَن تختفى من على وجهه الابتسامة ثم تعود مرة أخرى فى استحياء، حتى دخل حسين الشاب اللبنانى الذى كان دائماً بشوشاً مبتسماً حتى فى فترة العمل الليلية التى كانت تصيبنا جميعاً بالضيق والتهكم. ما أن استفسر حسين عن الطبق والتحية التى أُلقيها بكل ابتهاج حتى انقلب وجهه البشوش وقال:»آه أنتم سُنّة تحتفلون بموت الحسين.. نحن لا نحتفل!» كل ما كان قد غاب عن ذهنى تماماً حتى هذه اللحظة تداعى إلىّ فى أقل من ثانية.. رأيت أمامى التطبير، صور بعض الشيعة يضربون رؤوسهم حتى تسيل الدماء، واسترجعت استشهاد الحسين رضى الله عنه- فى كربلاء بعد أن دعاه شيعة الكوفة ثم تخلوا عنه حتى قُتل ورجاله وأطفال آل بيته. حاولت أن أخفى إحراجى وأن أفسر أننا نصوم هذا اليوم تكريماً له (وكان الرسول عليه الصلاة والسلام أمر بصيامه لأنه اليوم الذى أنجى فيه الله موسى وأغرق فرعون) وأننا لانحتفل فرحاً بأى ألم أصاب آل البيت لأننا نجلهم ونحبهم فى مصر حباً بل عشقاً جماً. كنت أعلم هذا أو بعضه ولكن ما ساقنى فى تقديم «طبق العاشوراء» هو ما نشأْت عليه كالغالبية العظمى من المصريين، فى حب اتّباع العادات فى كل المناسبات الدينية دون التفكير فى «سنى وشيعى». لم نعرف فى مصر عبر قرون طويلة إلا عقيدة سنية عميقة يُحَلّيها عشق آل البيت. لم يزل منى الإحراج تماماً إلا بعد أن طلب حسين تفسيراً لكون بعض المصريين يحملون أسماء حسن وحسين وعلىّ فى حين أن مصر ليس بها إلا سُنّة! حينها علمت أن حالى أفضل بكثير من حاله وأصبح من أعز الزملاء.

أتذكر هذه الواقعة كلما جاء الحديث عن حرب السنة ومحاولات التشيع فى مصر.. حرب قديمة تكمن خطورتها فى أن نعتبر أنفسنا فيها طرفاً. بُنى الأزهر ليكون منبراً للشيعة الإسماعيلية وها هو منارة للسنة، ولم يكن كذلك إلا على أرض يصلى أهلها على رسول الله فى كل مناسبة ويطلبون المدد ويحتفلون بمولد النبى ويخرجون فى مناسباتهم الدينية بالزينة والأنوار والدفوف. ولنا فى ذلك حديث.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة