لا يمكننى تخيل أن قيادات الحزب الوطنى الحاكم "بتتكلم جد ومصدقه نفسها"، عندما يصورون لأنفسهم أن مشكلتهم الوحيدة هى أنهم لا يملكون إعلاما قويا يتحدث عن إنجازاتهم ويستطيع جذب المواطنين على أرضيتهم.. وأن هذا هو السبب فى سيادة الإعلام الأسود الذى لا يرى سوى نصف الكوب الفارغ.
وكأن الإعلام هو الذى يخلق من العدم الكوارث التى تسببها سياسات الحزب وحكومته، ففى النهاية هو يتعامل مع وقائع على الأرض.. قد يضخمها لأهداف سياسية، ولكنه لا يستطيع أن يوجدها، وإذا حدث واخترع حدثا بالمعنى السياسى أو جدلا خارج أجندة اهتمامات الناس.. فسوف يموت على الفور.
المشكلة هى أن كل قيادات الوطنى، رغم أن بعضهم محترم و"بيفهم"، تؤمن أن دور الإعلام هو الإعلان، والفارق ضخم، فالأخير رغم أن دوره مهم ومحترم، إلا أنه مدفوع الأجر، وهدفه الترويج للسلعة مهما كانت.. أما الإعلام فهو السلطة الرابعة كما ينص الدستور، ودورها هو ممارسة الرقابة الشعبية على باقى السلطات، وبما أنه كذلك، فالطبيعى أن ينشغل أكثر بالسلبيات لمحاولة إصلاحها، بالإضافة حق المجتمع فى المعرفة، وهو حق يكفله الدستور والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان الذى وقعت عليه الدولة المصرية.
الغريب أن هذا الحزب الذى يشكو من الإعلام الأسود، مسيطر دون وجه حق على وسائل إعلامية يملكها عموم المصريين، ويسخرها لصالحه، وهذه سرقة لمال عام للترويج لسياسات حزب دون باقى الأحزاب، ومع ذلك فهو إعلام فاشل ومذعور وغير قادر على المنافسة.
وأعتقد أن كل هذه المماحكات من جانب قيادات الوطنى، هدفها الأول والأخير، عدم الإجابة على السؤال الأهم: إذا كانت هناك إنجازات .. فلماذا لا يشعر بها الناس؟
لأن هذه الإجابة ستدفعهم لو كانوا صادقين فى نواياهم لمراجعة سياساتهم الخاطئة والتى تؤدى إلى كل هذا الاحتقان والغضب.. أما إذا ظلوا على تعليق خطاياهم السياسية على ما يسمونه الإعلام الأسود .. فلن يكون أمامنا حل سوى أن نغير لهم الشعب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة