كان قراره حاسما بالرفض، وقال الجملة التى لا أنساها أبدا: هذا انتهاك للحرمات، وأضاف: معركتنا مع خصومنا السياسيين لا علاقة لها بأنهم يشربون خمرا أو لا يتركون سجادة الصلاة، لكنها صراع سياسى حول برامج سياسية.
كان أحد الزملاء المصورين يعرض عليه ما أسماه انفراد صحفيا وسياسيا كبيرا، وهى صور لزوجات بعض المسئولين فى جلسة خاصة على راحتهم، وأمامهم بعض الكئوس فسرها زميلنا طبعا بأنها كئوس خمر.
كان الأستاذ عبد الله السناوى يكره استخدام الأسلحة القذرة، لأنها ببساطة يمكن أن تُستخدم ضدك، ناهيك عن أنها لن تضيف شيئا للبلد، فهو صراع سياسى وليس شخصيا، وبالتالى كان من المحرمات التحريرية استخدام الشتائم والتجاوز فى حق أحد، أضف على ذلك الدرس الأهم وهو أنه لا يجب أن يقع الصحفى فى فخ العداء لمصادره، ومن ثم فلابد أن تتضمن أجندة تليفوناته مصادر صحفية من كل التيارات ومن كل الأجهزة.
لقد تشرفت بزمالته ومحبته فى صحيفة العربى حوالى 14 عاما، فقد كان من المؤسسين، ولعب دورا رئيسيا حتى تكون معايير العمل بهذه المؤسسة الوليدة مهنية، فيجب أن تكون العربى صحيفة كل القوى الوطنية، وليس الناصريين وحدهم، ولذلك لم يجد من هم مثلى صعوبة فى التعيين رغم أننى لست أكثر من محب لجمال عبد الناصر ولست ناصريا.
هذه الصيغة الوطنية هى التى حققها السناوى عندما أصبح رئيسا للتحرير، وكان من حسن طالعى أن تشرفت بالعمل معه حوالى 5 سنوات.. ذقنا فيها، وهو معنا المرارات، فقد كانت الصحيفة ميتة لا يكاد يسمع بها أحد.. فلا توجد أى إمكانيات مادية، والكفاءات الصحفية هجرتها، لكنه بهمة استثنائية وموهبة صحفية وإدارية فذة جعل العربى جزءا أساسيا من المعادلة الصحفية والسياسية فى بلدنا.
فى هذه التجربة رفع السناوى السقف السياسى للصحيفة، فأصبح أمرا عاديا أن يتم انتقاد الرئيس مبارك وأسرته، ولكن دون شتائم وتجاوزات.. كما أنه بجسارة استثنائية رفع السقف السياسى إلى أقصى ما يمكن أن تحتمله صحيفة حزبية، فى التعامل مع باقى قوى المعارضة، بل ومع الناصرية ذاتها، فكان من الممكن أن تجد انتقادات لتجربة جمال عبد الناصر نفسه.
طبعا حدثت خلافات، وطبعا وقعت مشاحنات، لكنها تتم مع إنسان وصحفى نبيل، قليلين من هم مثله فى بلدنا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة