كل عام وأنت بخير، كل عام وأنت من ضمن الناجين من مذبحة الأمراض التى تنتشر فى مصر، كل عام وأنت من ضمن الناجين من السقوط فى فخاخ الرشوة والفساد وقلة الضمير، كل عيد لحمة وأنت من بين ضامنى الحصول على كيلو منها لمرة واحدة فى الأسبوع على الأقل، كل عيد أضحى وأنت بلا أحزان مؤلمة، أو جيوب خاوية، أو قلوب قاسية، أو أحلام مزعجة، كل عام وأنت تسعد بهؤلاء الذين تحبهم حينما يتلقون منك تهنئة العيد.. كل عام وأنت بخير وبصحة وسعادة.
ولكن قبل أنت تذهب إلى العيد، وقبل أن تزهق من روائح البروتين التى تفوح من كل بيت، أريد من وقتك بضع دقائق، أرجوك شاركنى فيها ولو بالدعاء..
لى أحد الأصدقاء جرفته الظروف إلى معتقل ما، على خلفية دينية سياسية، صحيح أن سجنه أمر مؤقت، ولكن العيد جاء وهو داخل أسواره يعانى الألم، أو يتعايش على اعتبار أنه يؤمن كثيرا بفكرة التضحية من أجل ما يؤمن به، وهذا لا يؤلمنى لأننى على يقين أن لكل شىء ثمنه الذى نعرفه قبل أن نشتريه، ولكن مايؤلمنى هى تلك الوالدة الصالحة، تلك الأم العطوف التى سيمر عليها العيد وحيدة، ولن تستمع مثل غيرها من الأمهات إلى كلمة كل سنة وأنت طيبة، ولن تحصل يدها على قبلة خاطفة، ولن تحتوى أحضانها أى شىء،لأنها موجعة بما يكفى.
بخلاف تلك الأم أعرف من بعيد بعض الأطفال سيمر عليهم هذا العيد دون أن يذهبوا بصحبة آبائهم إلى صلاة العيد، لأن الأباء(ينتمون لجماعة الإخوان المسلمون) قررت الحكومة أن تصطحبهم لقضاء العيد فى معتقلات طرة، سيقضى هؤلاء الصغار عيدهم بدون طعم ولا رائحة، لن يستمتعوا بتلك المعركة الصباحية التى يخوضونها مع الوالد من أجل الحصول على عيدية محترمة.
اليوم تسمع كل أمهات مصر تلك العبارة الموسيقية "كل سنة وأنت طيبة " وترقص قلوبهن على أنغامها، إلا هذا الجمع من الأمهات، والأطفال والأخوات والزوجات، سيفتقدون ذلك دون سبب واضح، ودون تفسير منطقى اللهم إلا إذا ذكرنا قانون الطوارئ.
هؤلاء يستحققن منا هذه "الكل سنة وأنتن طيبات"، فلنقف معهن أمام المحاكم ونطالب بالإفرج عن أولادهن، فلنطرق أبوابهن ونرسم على ملامحهن فرحة المشاركة، حتى لا تأتى لحظة تشعر فيها إحداهن بأنها ضحت بكل شئ من أجل لا شىء.
ملحوظة:
بعد أن تفعل ذلك إن كان فى وسعك، لا تنسى أصدقاءك وجيرانك وفقراء منطقتك، ونصيحة منى دعك من السياسة والأحداث والجزائر وأنفلونزا الخنازير ووجع القلب وحاول أن تحتفل قدر ما تشاء.. افرح من قلبك!
محمد الدسوقى رشدى
أم المعتقل وابن المعتقل وزوجة المعتقل.. والعيد فرحة!
الجمعة، 27 نوفمبر 2009 11:54 ص
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة