سيلفا الكاشف فتاة سودانية مسيحية فى السادسة عشرة من عمرها، تسكن فى أحد الأحياء الشعبية جنوب العاصمة السودانية الخرطوم، سيلفا كانت تسير فى الشارع بمرح طفلة عندما أوقفها شرطى ضخم، وسألها: ما اسمك؟ أين تسكنين؟ كم عمرك؟ ارتعبت سيلفا وبكت من هيئة الشرطى الضخمة، ومن غلظته وهو يسألها ومن طريقته فى تدوين البيانات فى أوراقه، ومن طريقته فى لكزها بالعصا على ساقيها.
كانت الطفلة سيلفا ترتدى فستانا قصيرا نسبيا، يصل لركبتيها، فهى المسيحية ليست مطالبة بارتداء الحجاب، ولا بتفهم الملابسات السياسية التى أدخل بمقتضاها حسن الترابى "هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر" السعودية إلى شوارع مدينتها، كما أنها لا تفهم لماذا يواصل الفريق عمر البشير استغلال انتهازية الترابى بنفس الطريقة التى كان يمارسها الأخير، رغم أنها أقصر الطرق لحدوث انفصال الجنوب السودانى الغنى بالنفط والمياه، وتأثيرات ذلك الكارثية على بلده، ولا تفهم سيلفا رهان البشير الخاسر على الأسلمة الشكلية لمجتمع متعدد الأعراق والديانات والقوميات لتحقيق حضور وهمى فى الشارع السودانى يواجه به سيف المحكمة الجنائية الدولية المسلط على رقبته شخصيا..
لا تفهم سيلفا كل ذلك، ولا تفكر فيه، ولكنها كانت تفكر فى شىء واحد، لماذا يجرجرها هذا الشرطى الضخم من كتفها باتجاه قسم الشرطة رغم أنها لم تسرق أو تقتل، أو تزرع قنبلة على الطريق، ولم تعلن تأييدها حتى لحركة العدل والمساواة أو لإحدى الحركات السياسية فى دارفور أو كردفان.
سحب الشرطى الضخم الطفلة سيلفا إلى القسم، ومنه إلى النيابة التى حولتها إلى القضاء بتهمة ارتداء ثوب غير محتشم، ووقفت سيلفا أمام القاضى باكية، لكنه زجرها بعنف وأمر بجلدها 50 جلدة.
لا تملك الطفلة سيلفا وعى الصحافية السودانية لبنى حسين، التى تم اتهامها بارتداء البنطلون والحكم عليها بالجلد، فحركت وسائل الإعلام إلى أن تم تخفيف الحكم إلى الغرامة، أو الحبس، لا تملك سيلفا هذه القوة والقدرة، كما لا تملك عضوية جمعية الصحفيين السودانيين التى تنتمى إليها لبنى، وعندما رفضت لبنى دفع الغرامة، ووقفت أمام وسائل الإعلام العالمية لعرض قضيتها وفضح تخلف النظام فى بلدها، أسرعت جمعية الصحفيين لدفع الغرامة وإخراجها من الحبس، لكن من للطفلة سيلفا التى لا تملك أيا من قدرات وإمكانات لبنى حسين؟!
أمر القاضى بجلد الطفلة سيلفا 50 جلدة بالكرباج، وفى ساعة واحدة عروا ظهرها ونزلوا عليها بالجلد الوحشى، صرخت سيلفا وبكت، ولم يسمع أحد صراخها وبكاءها.. لكنى أظن أن صراخها وبكاءها سيحددان نتيجة الاستفتاء على وحدة السودان.. للأسف الشديد.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة