ما كل هذا الهوس بالأفراد فى انتخابات نقابة الصحفيين، الأمر يصل إلى حد التقديس، هل هو مزاج عام عندنا، نسير كالعميان وراء هذا أو ذاك.. وفى مرحلة أخرى نستبدل القيم التى يجب أن ندافع عنها، وندافع عن فرد من هنا أو هناك، ندافع بالحق وبالباطل.. نصمت تماما على خطاياه وننشغل بتضخيم حسناته حتى يصبح هو، كفرد، المنقذ الذى لولاه لانهارت النقابة على رأس الجمعية العمومية.
تقديس المنقذ حالة متطرفة يمكن أن تنتج خصومة شريفة، بل تنتج عداء، لأن المطلوب إبادة من يعارض "المنقذ"، وليس خوض منافسة عادلة بأدوات عادلة، وتكون النتيجة انتشار الأسلحة القذرة، أبسطها حرب الإشاعات التى لا تستند فى الأغلب الأعم على حقائق، ولكن على تزوير للمعلومات.. وفى الحد الأدنى تضخيمها بشكل مبالغ فيه، وهو نوع من التزوير أيضا.
خطورة هذا التقديس للأفراد، أنه ينهى أى حالة ديمقراطية ويبيد الاختلاف، فيجعل المختلفون مع هذا أو ذاك أعداء، ولا يطور بالطبع أى برامج انتخابية، رغم أن الطريقة الوحيدة للتقدم هى الصراع والمنافسة ومن ثم النقاش الجاد للأفكار. ولأن هذا لا يحدث.. يتطور الوعى النقابى لدى قطاع لا يستهان به من الوسط الصحفى.
أما الدفاع عن قيم عامة ومجردة، فهو أولا يصوننا من غدر هذا الفرد أو ذاك، أو حقه فى تغيير أفكاره، لأن دفاعنا الحار عن س أو ص يرتبط بقربه من القيم العامة فى نقابة مهنية، وإذا ابتعد أو خاصم هذه القيم نتخلى عنه دون أن نتخلى عن مبادئنا.
إذن ما هذه المبادئ العامة؟
فى حالة نقابة الصحفيين، وبما أنها نقابة مهنية وليست حزبا سياسيا، فمن الضرورى استبعاد أية شعارات يمكن أن تكون موضع خلاف، وأقصد بها تحديدا الشعارات السياسية، لأن الجمعية العمومية الطبيعى والبديهى أنها تضم كل التيارات والأفكار، والالتفاف حول مطالب متفق عليها منها على سبيل المثال رفع الحد الأدنى لأجور الصحفيين فى كل المؤسسات (حكومية وحزبية وخاصة). والنضال من أجل تأسيس صندوق لتمويل الأمراض الخطرة التى لا تغطيها حتى المؤسسات القومية التى تقدم علاجا مجانيا لزملائنا.
الأمثلة الأخرى كثيرة.. لكن اقترابنا منها يفسده هؤلاء الذين يريدوننا أن نسير كالقطيع وراء هذا أو ذاك من أجل مصالحهم السياسية الضيقة.. ونتخلى عن أجر وحرية كل الصحفيين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة