>> القياداة القطرية تلعب دور الوكالة لإسرائيل والدليل كشف الأجهزة الأمنية قصة أرض سيناء التى سعى قطريون لشرائها تمهيدا لبيعها لإسرائيليين
>> مصر وباقى الدول العربية قادرة على تجاوز كل الخلافات.. واعتبار قطر من دول الممانعه وهم يدفعها للتدخل فى شئون مصر
لم تكن الأزمة بين مصر والجزائر التى تفجرت عقب مباراة الخرطوم بين البلدين، بريئة من ألاعيب قطر التى تتواصل ضد مصر منذ سنوات، مستخدمة فيها كل الأدوات الإعلامية والاقتصادية والسياسية، فأثناء الأزمة وحسب شهادة كتبها لـ«اليوم السابع» فى عددها الماضى، مدير مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط السابق فى الجزائر محمود النجار، إن نجاح الاستثمارات المصرية فى الجزائر التى تقترب من 6 مليارات دولار، ولد نوعا من الحقد والغيرة لدى كثير من الأطراف التى كانت تريد الاستئثار بالكعكة الجزائرية، وكانت الدولة القطرية على رأس هذه الأطراف، وأمام عجز الشركات القطرية عن منافسة نظيراتها المصرية بالطرق المشروعة، لم تجد أمامها سوى السبل الأخرى، بمعنى اللجوء إلى المنافسة غير المشروعة وغير الشريفة، حيث وجدت ضالتها فى الإعلام، وخاصة الصحف، وكونت «لوبيات» لها داخل عدد غير قليل منها لدس الأخبار والتصريحات التى تشوه صورة مصر تارة، أو تنال من من الجزائر على لسان مصريين تارة أخرى.
وفى اليوم التالى لنشر هذه الشهادة على صفحات «اليوم السابع»، نقلت صحيفة «المصرى اليوم»، أقوالا عن مصادر حكومية مصرية، لا تستبعد أن تكون قطر هى التى تقف وراء مطالبة الجزائر لشركة «أوراسكوم تليكوم» بدفع 600 مليون دولار ضرائب، واستندت هذه الأقوال إلى أن الشركة المنافسة لـ«أوراسكوم تليكوم» هى شركة «كيوتل» القطرية.
أزمة مصر والجزائر تعبر الآن منعطفها الغاضب، لتعود إلى الخيار الإيجابى الذى يجمع البلدين منذ سنوات طويلة، شأنها فى ذلك شأن كل حالات الغضب التى هبت بين مصر والعديد من الدول العربية، لكن الأزمة جددت السؤال: «لماذا أصبحت قطر هى الضلع الحاضر فى معظم الأزمات بين مصر والدول العربية؟». فلنعد إلى القصة من بدايتها، والبداية تأتى من عام 1995.
انقلاب الابن على الأب
فى يونيو عام 1995 استيقظ العالم على خبر انقلاب الشيخ حمد بن خليفة على والده الشيخ خليفة بن حمد أمير قطر، وأصبح الابن حاكما على هذه الإمارة التى عاشت فى ظل الوالد سنوات تتركز كل أخبارها فى الثراء المالى فقط.
لم تكن قطر مع الأب ضلعا سياسيا يعتد به فى صراعات المنطقة، ولم تكن محطة لتوليد الصراعات الإقليمية أو حتى إطفائها، كانت هناك فقط محاولات لأن ترسم لنفسها خطوة فى المشهد الثقافى عبر مجلة الدوحة التى أسسها ورأس تحريرها الناقد والكاتب الراحل رجاء النقاش، وأعطت هذه المجلة عنوانا ثقافيا لقطر لسنوات، أكثر من عنوانها السياسى.
كان المشهد السياسى العام فى المنطقة وقت انقلاب الابن على الأب، لا يزال محكوما بدول الثقل السياسى خاصة تلك الدول التى يدور الصراع مع إسرائيل فى فلكها وفى الصدارة منها مصر وسوريا، ويعزز من ذلك أنها دول ذات ثقل حضارى بالإضافة إلى ثقلها السياسى.
تباينت وجهات النظر حول انقلاب الابن على الأب، فمنها من اعتبره حدثا عاديا لا يتخطى كونه صراعا للمشايخ على الحكم، واستندت هذه الرؤية على أن قطر بحكم التاريخ والجغرافيا وعدد السكان، لا يمكن رفع الصراع على حكمها إلى درجة ينشط معها خيال السيناريوهات حول سيناريوهات منطقة الخليج عامة والمنطقة العربية خاصة، وهناك من قرأ مشهد الانقلاب فى سياق التحولات السياسية فى المنطقة، والتى كان من معالمها تعاظم الحديث عن السوق الشرق الأوسطية التى نادى بها الرئيس الإسرائيلى شيمون بيريز، وعقدت من أجلها ندوات كثيرة، وجاءت دعوة الشرق أوسطية تالية لأحداث سياسية تعزز منها مثل الحرب على العراق، وإحكام الحصار حوله بهدف إسقاط نظام صدام حسين، وعقد مؤتمر مدريد، واتفاق غزة أريحا.
رأى البعض أن انقلاب الابن على الأب فى قطر له علاقة وطيدة بهذه التحولات، من زاوية أن الإبقاء على حكام تقليديين فى منطقة الخليج لهم هوى عروبى بحكم النشأة، سيؤدى إلى عرقلة بعض الخطوات التمهيدية التى تدفع عملية السلام فى المنطقة طبقا لوجهات النظر الإسرائيلية الأمريكية، والذى يتوج بالسوق الشرق أوسطية، ومن ضمن هذه الخطوات، إيجاد نوع من العلاقات بين دول الخليج وإسرائيل، واستندت هذا الرؤية على أنه لا يمكن بأى حال من الأحوال أن يتم انقلاب فى أى دولة خليجية ومن بينها قطر، دون أن يكون لأمريكا رأى فيه قبل حدوثه، ولو تم فك هذه القناعة التى تقترب من حد اليقين، فسنتوصل منها إلى معلومات المؤكد أنها موجودة لدى أجهزة المخابرات فى دول العالم المعنية، تفيد بأن انقلاب الابن على الأب فى قطر تم بترتيبات مسبقة، شملت الدور السياسى الذى ستلعبه القيادة الجديدة فى قطر مستقبلا.
بين وجهتى النظر السابقتين، المتمثلتين فى التقليل من شأن حدث الانقلاب، والأخرى التى قرأته فى ظل المشهد السياسى الإقليمى العام، بقيت وجهة نظر ثالثة لا تزال ترن فى أذنى حتى الآن، وهى أن الشيخ حمد بن خليفة قومى عربى بل قال البعض إنه ناصرى.
الجزيرة بديل لفقر التاريخ والجغرافيا
ترقب الكل قراءة الرؤى الثلاث السابقة، وأى منها سيجد صداه على أرض الواقع، وأصبحت الأحداث السياسية التى تمر على المنطقة منذ عام 1995 (عام الانقلاب فى قطر)، هى الكاشفة لجميع نظم الحكم العربية، بما فيها النظام القطرى الجديد، ومع تتبع الأحداث بدا أن الرأى الذى قرأ انقلاب الابن على الأب فى سياق التحولات الإقليمية فى المنطقة، كان هو الأكثر نبوءة بما سيأتى، لكن هذا الرأى لم يتوقع، وبالتالى لم يتحدث فى تصوراته المستقبلية عن أى طموح سياسى لقطر، ربما لأن طبيعة الإمارة جغرافيا وتاريخيا لا تؤهلها لذلك، وربما لأن الزعامة التقليدية لمنطقة الخليج تتمثل فى السعودية، وربما لأن الثروة النفطية جعلت من السعودية منذ مرحلة ما بعد حرب أكتوبر عام 1973 ثم توقيع اتفاقية كامب ديفيد، صاحبة الكلمة المؤثرة عربيا، وعلى عهدة سياسيين عرب اقتربوا بقدر ما من مطبخ صنع القرار فى قطر، أنقل ما سمعته منهم بأن السعودية تمثل هما خاصا للقيادة القطرية، وأن الشأن السعودى هو أكثر ما تتتبعه هذه القيادة صباح مساء، وأن ارتماء القيادة القطرية بلا حساب فى الأحضان الأمريكية والإسرائيلية، بلغ ذروته فى سماح القيادة القطرية لأمريكا بعمل أكبر قاعدة عسكرية لها فى المنطقة كان من ضمن أسبابه هاجس الخوف من السعودية.
وخطوة خطوة بدأ المشهد يتكشف شيئا فشيئا، وسأتركه قليلا لكى أروى قصة ليس لقطر حضور فيها، لكنها تؤسس بعض الشىء لفهمنا لدورها الحالى فى المنطقة، والقصة بطلها المرحوم علوى حافظ النائب البرلمانى الشهير عن حزب الوفد فى الثمانينيات من القرن الماضى، والنائب أيضا فى الستينيات من القرن الماضى أثناء المرحلة الناصرية، يروى علوى حافظ أنه تلقى دعوة فى الستينيات لزيارة أمريكا، ووافقت القيادة السياسية ممثلة فى جمال عبدالناصر عليها، وفى الزيارة اجتمع علوى حافظ مع العديد من الشخصيات الأمريكية التى لها صلة بدوائر صنع القرار السياسى، وكان التوتر فى العلاقات المصرية الأمريكية هو الحاضر فى كل شىء، وطلب الأمريكان من علوى مطالب متنوعة ينقلها إلى عبدالناصر، فى مقابل استعادة تقديم القمح الأمريكى كمعونة إلى مصر، بالإضافة إلى أشياء أخرى، كان طلب الأمريكان واحدا، وهو وقف الحملات الإعلامية التى تشنها مصر ضد أمريكا، ولما نقل علوى حافظ هذا المطلب إلى عبدالناصر، وكان يظن أنه مطلب بسيط، لكن عبدالناصر قال له، لا تظن أنهم يطلبون شيئا بسيطا، فهم يعلمون أن سلاح الإعلام هو أهم شىء عند دول تعيش مثل ظروفنا، وأنه يساهم فى تشكيل الرأى العام بقوة، خاصة لو كانت القضايا التى يتحدث عنها هذا الإعلام قضايا عادلة.
القصة عمرها سنوات، ويمكن أن تتكرر مع أى قيادة سياسية فى أى زمن، وإذا أخذنا روحها لنطبقها على قطر، فسنكتشف أنها طبقتها تماما فى مسارها السياسى، ومن خلال قناة الجزيرة، فهى أسست القناة لتكون سلاحها التحريضى، لكن وفقا للأجندة القطرية الخاصة فى المنطقة، أخذت القيادة القطرية قناة الجزيرة كسلاح إعلامى لها عوضا عن فقرها الجغرافى والسكانى والتاريخى الذى يؤهلها للقيادة الإقليمية، وكانت مصر نصب عينيها فى ذلك، وعملا بقاعدة: «اضرب الكبير حتى تكبر»، واصلت الجزيرة سيركها الإعلامى، وتحت غطاء الحرفية المهنية بدت مصر على قناة الجزيرة، وكأن كل شىء ينضب فيها من إبداع وثقافة إلى أى شىء، كما أسست الجزيرة عملية تسلل الصوت الإسرائيلى إلى كل بيت عربى، بمنظور معرفة الرأى الآخر، أى معرفة الرأى الإسرائيلى، وفى ذروة أى هجوم إسرائيلى على الفلسطينيين لا تجد القناة أى حرج فى استضافة المسئولين الإسرائيليين، يتحدثون بكل حرية عن أطفالهم الذين يسقطون ضحايا بسلاح الفلسطينيين، وهذا الفعل لا نجده على شاشات الفضائيات المصرية، رغم وجود اتفاقيات للسلام بين مصر وإسرائيل، وحصيلة ذلك أنه لو اقتنع فرد عربى واحد وهو يشاهد الجزيرة بما يقوله قادة إسرائيل عليها، ولو تأثر أى فرد عربى بدموع هؤلاء السفاحين، فستكون هذه القناة هى المسئولة عن هذا الجرم، وبالتالى ستكون القيادة القطرية التى تملكها مسئولة أيضا.
يبقى السؤال بعد هذا المرور السريع: «هل لإطلاق الجزيرة علاقة بحلم إسرائيل بالشرق أوسطية؟» هو مجرد سؤال.
وهم الممانعة
المفارقة فى تناول هذا المشهد القطرى، أن هناك من يحلو له تصنيف الدولة القطرية على أنها من دول الممانعة، وهذا التصنيف يجوز على الدول التى تتخذ نهجا متشددا ضد إسرائيل، أما قطر فهى على عينك يا تاجر فى العلاقات مع إسرائيل بدءا من وجود درجة من التمثيل الدبلوماسى لإسرائيل فى قطر، مرورا بالعلاقات الاقتصادية الدافئة مع إسرائيل، وانتهاء بالعلاقات السياسية الأكثر دفئا بين القيادات القطرية، وقيادات الدولة العبرية، والتى وصلت إلى حد قول رئيس وزراء قطر ووزير خارجيتها حمد بن جاسم بن جبر آل ثانى، أثناء دعوة قطر إلى عقد مؤتمر قمة عربية فى الدوحة أثناء الحرب الإسرائيلية على غزة عام 2008، إنه حين اعتذر له تليفونيا الرئيس الفلسطينى محمود عباس عن الحضور بسبب تأخير حصوله على تصريح من إسرائيل بالسفر الجوى، رد حمد بن جاسم عليه بأنه فى استطاعته التدخل للحصول على هذا الإذن، كان تصريح رئيس الوزراء القطرى علنيا ودالا فى نفس الوقت على مسخرة اعتبار قطر من دول الممانعة، ولو أضفنا وجود القاعدة الأمريكية فى قطر إلى هذه المعادلة فسيرتفع رصيد المسخرة.
لا يمر حديث السياسة دون الإشارة إلى الدور القطرى فى قضايا إقليمية أخرى، كما حدث فى جهود المصالحة الفلسطينية واللبنانية، وجميعها دخلت لإيقاف جهود كانت تبذلها أطراف إقليمية أخرى مثل السعودية ومصر، والمعنى الرئيسى فى كل ذلك هو سعى القيادة القطرية للوقوف ليس فقط على قدم المساواة مع القيادتين المصرية والسعودية، وإنما هو نوع من تكريس التمزق العربى، حيث لاتقوم تلك الجهود القطرية على مفهوم استكمال ما يفعله الآخرون وإنما نسفه بالكامل.
فى مشهد الترصد من القيادة القطرية لمصر محطات كثيرة أخرى، ومنها ما يدخل فى باب سعيها نحو بيع مصر بالمفتاح إلى إسرائيل، وهو ما فطنت إليه الأجهزة المعنية وأجهضته فى المهد، والقصة الدالة على ذلك رواها لى الدكتور ممدوح البلتاجى وزير السياحة السابق فى لقاء معه بحضور الكاتب الصحفى الكبير يوسف الشريف، وأصبحت معروفة قال البلتاجى إنه أثناء توليه وزارة السياحة أبلغه بعض المستثمرين المصريين، بأن قطريين يسعون إلى شراء مساحات شاسعة فى سيناء، وأن هؤلاء المستثمرين القطريين سيعيدون بيع هذه الأرض إلى إسرائيليين، أى أن القطريين سيكونون واجهة لإسرائيليين، أضاف البلتاجى أنه وضع هذه المعلومات أمام جهاز أمنى كبير محترم، وتأكد الجهاز من صحة هذه المعلومات، يضيف البلتاجى أنه وضع هذا الأمر أمام الدكتور عاطف عبيد رئيس الوزراء، فأرسل خطابا يقول فيه: «ما المانع من الاستفادة من ضخ رأس مال أجنبى فى قطاع السياحة»، وكان موقف الدكتور البلتاجى رفض رأى عبيد، ولم يتم الشراء.
الوكالة
تلك القصة الموثقة توضح «وكالة» القيادة القطرية لإسرائيل فى مسعى إسرائيل إلى الهيمنة على المنطقة ليس بالسلاح فقط، وإنما بالاقتصاد الذى هو أخطر، ويأتى منها السؤال: كيف لدولة عربية يضعها البعض فى خانة الممانعة أن تفعل ذلك؟ ومن قلب هذا السؤال يأتى سؤال آخر وهو: هل قامت أى دولة عربية فى خلافها مع مصر بمثل هذه الأدوار؟ والإجابة: لا، حدثت خلافات مع سوريا لكنها تقف عند محطات الخلاف فى وجهات النظر حول التعامل مع القضايا الإقليمية، وأكثر ما يحدث فى الخلافات بين البلدين، هو البرود إلى حين بين القيادة السياسية فى كلا البلدين، وقس على ذلك ما حدث بين مصر والجزائر والذى يتم وضعه الآن فى حيزه الطبيعى، لكن تبقى القيادة القطرية وحدها بين الجميع متطلعة إلى دور إقليمى، لكنه يتم فى كل الحالات من الباب الأمريكى والإسرائيلى، حتى لو قامت باستضافة المعارضين لأمريكا، والمعادين لإسرائيل مثل حماس وآخرين.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة