محمد الدسوقى رشدى

أين اختفى اسم السيد عمر سليمان؟

السبت، 12 ديسمبر 2009 12:15 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مع كل انتخابات يأتى لنا الجهابذة بأخبار متواصلة عن الأسماء التى تستعد لتولى رئاسة الجمهورية، الغريبة أنهم يعددون الأسماء والأشخاص بكل ثقة وكأنهم جاءوا بالنتيجة من الكنترول الربانى، ومن بين تلك الأسماء كان اسم السيد عمر سليمان رئيس المخابرات المصرية، وهو الرجل المشهود له بالحزم والحسم والاحترام، بدليل أن واحدا من أهم رجال المخابرات فى العالم ورئيس المخابرات الأمريكية لم ينس أن يمنحه الكثير من صفحات مذكراته، حينما يتكلم رئيس أقوى جهاز للمخابرات فى العالم عن كواليس مفاوضات عملية السلام أثناء اتفاق واى بلانتيشن، فإن العديد من الأسرار والتفاصيل التى تغيب بالطبع عن شعوب المنطقة العربية ستبدو شيقة للغاية كما ستبدو صادمة خاصة حينما يحكى رئيس جهاز المخابرات الأمريكية السابق "جورج تينت" عن تصرفات الرئيس مبارك والإشارات اليدوية المضحكة التى يستخدمها أثناء المفاوضات أو عن حبه الجلوس على كرسى وحيد فى ركن من أركان الغرفة بينما كل الوفود تعمل وتتناقش منتظرا واحدا من الرؤساء أو المسؤلين فى الوفد لينفعل وهو يتكلم حتى يرفع يده قرب رأسه ويحركها بطريقة مميزة فى إشارة تصف المتحدث بالجنون، ماذكره "تينت" فى مذكراته عن ألعاب الرئيس وإشارته المضحكة وقت مفاوضات واى بلانتيشن يكشف بوضوح أحد أسباب تراجع الدور المصرى فى المنطقة.

لم يعلق "تينت" فى مذكراته على الرئيس مبارك سوى فى هذا الخصوص، ولكنه تكلم كثيرا عن ذكرياته مع رئيس المخابرات المصرية عمر سليمان وانطباعاته الشخصية عن أداء الرجل الذى قال عنه:"هو كلواء ورئيس للاستخبارات، طويل القامة ذو مظهر ملكى، وشخص قوى جداً، ويتحدّث بتمهّل شديد، كما أنّه شديد وجذّاب، وهو صريح تماماً فى عالم مملوء بالظلال. كما أنّ عمر عمل بعيداً من الأضواء فى محاولة لإحلال السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وينطبق ذلك أيضاً حتى عندما كانت الولايات المتحدة لا تزال منخرطة فى العملية. وعندما لم يكن أحد يحاول الاجتماع بحماس، ولا يتحدّث أحد إلى الفلسطينيين. وعندما لم يكن أحد يتحدّث إلى الإسرائيليين، وعندما لم يكن هناك من يتقدّم بأفكار مبتكرة لمحاولة جعل الأطراف تتحدّث بعضها إلى بعض، كان عمر على الأرض يعرّض نفسه للمخاطر".

ماقاله "تينت" فى مذكراته عن عمر سليمان يؤكد الانطباع السائد لدى المراقبين عن أن الأمريكيين يقدرون كثيرا شخص عمر سليمان ، أو بعبارة أخرى يمكنك أن تستخلص من كلمات "تينت" التى وصف بها عمر سليمان بأنه يتكلم عن رجل تريده أمريكا فى المرحلة المقبلة خاصة وأن الإشادة التى حصل عليها جاءت فى سياق المقارنة بين طريقة مبارك فى التصرف وقت المفاوضات التى قال عنها "تينت": (ثمة جانب مرح فى الرئيس مبارك على رغم أنّه رجل جدّى. وكانت قمة تشرين الأول فى شرم الشيخ مثالاً على ذلك، فقد أمضيت أنا وعمر سليمان النهار بأكمله محبوسَين فى غرفة مع الفلسطينيين والإسرائيليين للتوصل إلى صفقة أمنية، وعندما فرغنا، ذهبت لأطلع ياسر عرفات على التفاصيل، فى حين جلس مبارك على كرسى فى ركن الغرفة، كان لدى عرفات فى مثل هذه الظروف طريقة فى النظر إلى كأنّنى أتحدّث لغة أجنبية غير مفهومة، وذلك أمر معهود عنه، كان يشترى الوقت للتفكير فى الأمور، لكن فى هذه المناسبة لم يكن الأمر كما هو مألوف، فقد رأيت بزاوية عينى حسنى مبارك، الرئيس المصرى، ومستضيف المؤتمر، وأقرب ما يكون الضامن لفلسطين، ينظر إلى وإلى عرفات وهو يحرّك إصبعه قرب رأسه، وتلك هى الإشارة الشائعة التى تعنى أنّ «الشخص الذى تتحدّث إليه مخبول»! وتابعت الاطلاع- فأنا مهنى مدرّب فى النهاية- لكن لم يكن الأمر سهلاً، وبخاصة عندما استسلم مبارك للضحك بهدوء بعد أدائه حركته المضحكة).

ما كشفه "جورج تينت" عما يفعله الرئيس مبارك فى أوقات مهمة يمكنك أن تعتبره جانبا مرحا من شخصية الرئيس ولكن رئيس المخابرات الأمريكية السابق فسرها بأنها حالة عدم اهتمام، غير أن ماكشفه رئيس المخابرات الأمريكية يعود بنا إلى ذلك المقطع التليفزيونى الشهير الذى قام التلفزيون الكويتى بإذاعته والذى تضمن حوارا عبثيا كوميديا وطفوليا دار بين مبارك والقذافى أثناء القمة العربية فى 1990 قال فيه الرئيس مبارك بالحرف الواحد: بقى لنا 7 ساعات بنتكلم كلام مش بيودى ولا بيجيب وأنا معنديش استعداد أقعد سبع ساعات زيهم ياسيادة العقيد".

ثم تابع قائلا وهو يخاطب القذافى: "ياحبيبى.. إوعى تكون فاكر إن القرارات بتاعة القمة دى هتودى او هتجيب".

الطريقة التى تصرف بها الرئيس مبارك فى قمة سنة 1990 هى نفسها الطريقة التى تصرف بها وقت قمة شرم الشيخ التى تكلم عنها "جورج تينت" فى مذكراته.. تقول بأن الرئيس مبارك لا يأخذ تلك الاجتماعات ولا المفاوضات التى تعتبرها أجهزة إعلامه فتحا ونصرا على سبيل الجدية، وصحيح لم تبدُ حكايات تينت عن عمر سليمان وكأنها مقارنة بين رئيس الدولة وبين رئيس جهاز مخابراته ولكنك تجد نفسك مضطرا لعقد هذه المقارنة لتدرك أن هناك جهات ترى، أو تتمنى أن يكون السيد عمر سليمان هو الخليفة الأجدر لمبارك، فهل مازال اسم الرجل مطروحا؟ أم أن الأيام طوته فى دفاتر نسيانها مثلما فعلت مع آخرين؟!








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة