مى الشربينى

المقدم كمال الضبع والمقدم طارق رصاص

الثلاثاء، 15 ديسمبر 2009 01:30 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بمديرية أمن سوهاج رفضا رشوة بمليونى ونصف المليون دولار فى مقابل تسهيل عملية تهريب آثار بأخميم، صحيح أن تصرف الضابطين المصريين هو التصرف الطبيعى المنتظر من أى ضابط أو مسئول كبير أو موظف صغير، إلا أن واقع الحياة فى مصر جعلنا جميعا نرفع القبعة تحيةً لأمانة وصلابة هذين الضابطين فى بلد تنخر فيه الرشوة بشكل شبه مؤسسى وفى زمن أصبح الراشى والمرتشى لا يشعران فى كثير من الأحيان أن فعلهما بلاء نعم وبكل تأكيد يستحق المقدمان كمال وطارق كل الشكر والتحية والتقدير فهما لنا جميعا كرشفات مياه عذبة نقية لمن يشرب يوميا من سيل مياه عكرة ملوثة، هناك الكثيرون من أمثال الضابطين لا نعرف عنهم شيئا ولا يروى الإعلام شيئا عن نزاهتهم ولكنك إذا كتبت كلمة «رشوة» فى خانة البحث بأى موقع إلكترونى معنىِّ بشئون مصر ستخرج لك قائمة أخبار طويلة عن شتى أنواع الرشاوى، من صغار موظفين بالبريد يسهلون الاستيلاء على الملايين، إلى مسئولين بالإسكان يميزون بين مقاول وآخر وفقا لمن يدفع أكثر، وما خفى كان أعظم، قبل يومين فقط من إعلان خبر رفض الضابطين رشوة مليون وربع المليون دولار لكل منهما، أى ما يقارب سبعة ملايين جنيه فى مقابل تسهيل تهريب قطعة أثرية، كانت محكمة شمال الجيزة تجدد حبس اثنين من كبار مسئولى الإدارة الهندسية بالدقى اعترفا بتلقيهما رشوة مائتى ألف جنيه فى مقابل تسهيل التراخيص اللازمة لصاحب فيلا أثرية ليتمكن من هدمها وبناء برج سكنى للتربح، إن الفرق الحقيقى الوحيد والمؤكد بين الحالتين هو الفرق الصارخ بين الضمائر والتمسك بإرضاء الله (ناهيك عن الفارق بين الملايين المرفوضة والآلاف المقبولة)، أما مقولة إن الأحوال المعيشية التعيسة هى عامل أساسى وراء تفشى الفساد والرشوة فبها كثير من المبالغة فى حجم هذا العامل وكثير من التقليل من شأن كل شخص يرفض إغضاب ربه مهما بلغت ظروفه من قسوة، وإن كانت يقظة الضمير هى العامل الأول فى محاربة الفساد إلا أن التعويل عليه وحده وتحميله الجزء الأكبر من المسئولية هو فى ذاته درب من دروب الفساد والعبث، بلغة المصلحة العامة لن يحارب الفساد إلا الرقابة فالرقابة ثم الرقابة والعقاب، والعبرة ليست بتعدد الجهات الرقابية فما أكثرها دون فائدة مرجوة، كما أن العبرة ليست فى إيجاد الحل الرقابى الأمثل فهناك عشرات الاقتراحات لتفعيل الرقابة فى مصر لردع الكبير قبل الصغير، العبرة فى الإرادة الحقيقية فى ضبط المشهد المصرى ليكون المعتاد فيه هو النزيه والاستثناء هو المرتشى.. مشهد لن يخرج من نطاق الأحلام إلا بتغيير مسئولى مؤسسة الفساد.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة