أياً كان ما يحدث داخل جماعة الإخوان المسلمين، من تحالفات أو مناورات، فقد خرجت الجماعة من طور السرية أو التماسك إلى طور النقاش العام، وهو أمر يرجع فى جزء منه إلى التطور الإعلامى الهائل ورغبة الرأى العام فى المعرفة، وهو أمر لا يتعلق بالجماعة وحدها، لكن بمجمل التيارات السياسية، سواء رغبة الرأى العام فى المعرفة، التى جعلت الصحافة تسعى إلى معرفة أخبار وتفاصيل ما يجرى داخل جماعة ظلت لما يقرب من القرن مغلقة على ذاتها، وأيضاً رغبة الصحافة فى جعل الجماعة موضوعاً عاماً.
الأمر الثانى أن جيل الآباء رغماً عنه وبحكم الزمن والتطور، فقد قدرته السابقة على الكتمان، مع وجود أجيال جديدة أكثر احتكاكاً وأكثر قدرة على الاندماج فى المجتمع.
لقد وصف البعض ما جرى داخل مكتب الإرشاد من إطاحة الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح أو محمد حبيب، بأنه انقلاب قصر أو انقلاب أبيض أو فتنة، كل هذه الأوصاف انتزعت الجماعة من كتمانها وجعلتها موضوعاً للنقاش العلنى، حتى لو كانت ما تزال حريصة على بناء هرمى من الصعب تغييره، ربما يثمر خلال سنوات قادمة أن تتحول الجماعة إلى حزب مفتوح للجميع، وهناك من يريد لها أن تحتفظ بتركيبتها المزدوجة التى تجمع بين الجماعة الدعوية والتنظيم السياسى، وهو أمر بقدر ما يقوى الجماعة، فهو يمثل مدخلاً لحظرها، ورفضها باعتبارها كياناً مغلقاً.
وقد كان دخول نواب الجماعة إلى مجلس الشعب وقبلها فى النقابات وتعاملهم مع اليومى والعادى عاملاً جعل من السهل التعامل مع أعضائها على أنهم بشر وليسوا سوبرمان، فالحظر يضخم المحظور، لكن الدخول فى المعترك يجعل من السهل اكتشاف عادية العادى.
الأمر الآخر الذى يمكن أن يجعل النظرة للجماعة تختلف، ما جرى مؤخراً داخل مكتب الإرشاد من مناورات وتحالفات أطاحت بقيادات لصالح قيادات أخرى، وكشفت عن فرق وأحزاب، وتعامل سياسى لا علاقة لبعضه بالمصلحة، وإذا كانت الجماعة لم تصل إلى حد الانشقاق، فقد أظهرت الأحداث صراعاً من نوع ما، وأشارت إلى أن الأعضاء فى الجماعة أو القيادات هم بشر وليسوا ملائكة، كما يروج أنصارهم، ولا شياطين كما يروج خصومهم، بشر لهم مناوراتهم وتحالفاتهم وصراعاتهم، التى تدور بالاستقطاب المادى والمعنوى.
كل هذا جعل الجماعة موضوعاً عاماً، حتى لو بقى إعلام الحكومة يتعامل معها على أنها المحظورة، مع أن نفس الصحف التى تصر على اعتبار الجماعة محظورة تفرد الصفحات لتغطية ما يجرى داخلها حتى ولو من باب الشماتة.
جماعة الإخوان فى مفترق طرق، فهى إما فى طريقها لأن تكون كياناً علنياً تماماً أو تبقى مزدوجة الوجود، لكنها فى كل الحالات، وكما أنها أصبحت طرفاً من المعادلة، فقد أصبحت موضوعاً عاماً، لا يجوز معه القول، كما كان فى السابق، أنها موضوع يخص أعضائها، لأن قواعد السياسة أن شخصاً دخل العمل العام فقد أصبح موضوعاً عاماً.
موضوعات متعلقة..
المرشد الرئيس.. غموض وتشويق
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة