أظن أن المؤشر الأهم فى انتخابات مكتب إرشاد الإخوان، هى أنها نزعت عن الجماعة هالة القداسة التى كانت تصر على تصديرها للمجتمع، باعتبارهم جماعة ربانية، تتحدث باسم الإسلام، وتعتبر نفسها، بشكل أو آخر ظِل الله جل علاه على الأرض.. فهذه الانتخابات أوضحت بدون شك أنهم بشر مثلى ومثلك، لديهم انحيازات وطموحات فردية فى السلطة والشهرة وعندهم تربيطات وضرب تحت وفوق الحزام .. وكل ما يحدث فى أى انتخابات بما فيها "dirty work".
أعرف أن منهم من سوف يرد ويقول: وهل سمعتنا نقول إننا لسنا بشرا؟
بالطبع هم لم يقولوا ذلك.. ولكن خطابهم طوال الوقت يكرس أنهم جماعة تتحدث باسم الإسلام، بل وتحتكره لنفسها.. والذين يختلفون معهم، رغم أنهم بشر مثلهم، يكفرونهم دينيا وسياسيا ويلاحقونه.. فمن يجرؤ على الخلاف مع من يتصورون أنهم وحدهم حاملو رسالة الله عز وجل؟!
ليست لدى أمل كبير فى تحول الإخوان إلى جماعة سياسية معلنة، ومع ذلك فلابد من التفاؤل، ولو قليلا، بوجود احتمال باقترابهم، ولو قليلا من أن تكون جماعة سياسية وليست دينية، وتقربهم ولو قليلا من الشفافية الواجبة، بعيدا عن السرية الكهنوتية فيما يتعلق بشئونها وخاصة المالية.. فمن حق المجتمع، رغم العصف الأمنى، أن يعرف كل شىء عنهم.
لكن لابد من الإشارة إلى أن هذه الصراعات الحالية فى الانتخابات تتم والإخوان ليسوا فى السلطة، فلو كانوا يحكمون البلد، هل كانت ستتم بذات الطريقة؟
لا أظن، بل أتوقع شيئا مثل الذى حدث فى إيران، تكفير متبادل بين البشر المتناحرين، واعتقالات واحتجاجات.. الخ
هذا طبيعى، فكل فريق يتصور أنه الوحيد المعبر عن الإسلام والمدافع عنه، وفى ظل مناخ سياسى مشحون بالمزايدات الدينية وليست السياسية، لابد أن يتولى الأقوى فى الصراع حسمه بالعنف، فالخلافات الدينية المخلوطة بالسياسية من الصعب حسمها بالصراع والسلمى الديمقراطى.
لذلك أتمنى من الله جل علاه أن تنتقل هذه الجماعة بشكل نهائى إلى خانة السياسة حتى لا تهدر طاقتها ضد البلد.. وتتحول إلى طاقة دعم لصالح مستقبل مشرق نستحقه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة