كما توقعنا، وبعض التوقع صحيح، فقد اتضح أن الدكتور يوسف بطرس غالى وزير المالية، ليس وحده الذى يسب ويلعن، وأن الحزب الوطنى بكامل تشكيلاته يمتلك قدرات هائلة على القذف والسب، والضرب بالروسية، والحذاء، والسنجة إذا تطلب الأمر. وهى مهام جديدة تضاف إلى نواب الحزب، وتجعلهم نوعا جديدا من النواب المتوحشين.القادرين ليس فقط على التصفيق، لكن أيضا على التشويش، والضرب بالبونية أوالجزمة.
وبعد يومين فقط من موقعة سب الدين وبطلها الدكتور غالى وزير المالية، وصف نائب بالوطنى زميله المستقل بأنه "ابن كلب"، وإمعانا فى الممارسة هدده بأن يضربه بالجزمة، وهو دليل على أن مصر تخطت مرحلة الحفاء، ودخلت فى مرحلة "أغمق" تشريعا. وأن الموقر قرر أن يطور دوره فى تفصيل القوانين ليتفرغ لتفصيل الأحذية، حتى يمكن للسادة النواب أن يضربوا بعضهم بها، كنوع من "الممارسة" الجماعية "للردحوقراطية"، التى تضع أساسا جديدا للعمل السياسى يصنع من الجلد الطبيعى. وإن كنا لم نعرف ما إذا كانت جزمة النائب نشأت بكعب أم بدون، وهل هى "بنص أم أنها برباط"، وهل يختلف شكل الحذاء من لجنة إلى أخرى، فلجنة الأمن القومى بنى، بينما الخطة والموازنة سوداء وبرباط.وربما يتم اختراع لجنة للشئون الحذائية.
فقد تكرر سب الدين داخل لجنة الأمن القومى مع ما تيسر من الاتهام بالعمالة، وقدم النواب أفضل عروض المناقشات والحوارات وتركوا القضية التى جاءوا من أجلها وانتقلوا إلى وصلة ردح..
اندمج النواب حازم ونشأت وجمالات وبدر وهيثم فى حملة تشويش وصفافير ليمنعوا النائب عسكر من التعبير عن رأيه فى قضية الجدار العازل، وعندما شوشوا عليه قال لهم "إنتوا عندكم نتانياهو إسرائيل"، ورد عليه نشأت "أنا أشرف منك يا خاين يا ابن الكلب" يا بتاع حماس". "دى وساخة وقلة أدب"، وقال النائب بدر لنواب الإخوان: "لو مسكتوش هاضربكم بالجزمة".، وهى تشكيلة من الألفاظ البرلمانية، تكشف مدى التطور الذى أصاب سيد قراره ومنحه عمقا ولمعانا.وجعله فرجة لمن لايشترى. ردح وشتائم وتلقيح، جعلت مجلس الشعب، مجلسا للشتائم، أقرب إلى مردحة، وأصبح نواب الوطنى يستمتعون بتوجيه الشتائم لزملائهم، تعميقا للحوار. تأسيا بالدكتور يوسف بطرس وزير المالية، الذى أصبح نموذجا يحتذى به، بين نواب الوطنى الذين تفوقوا فى الشتائم اعتقادا أن معهم واسطة للناظر، أو أنهم محميون من أى انتقاد.
وقد يظن البعض أن الموقر فقد وقاره وهيبته، وأصبح بلا كبير. لكن الحقيقة أن الدكتور سرور رئيس المجلس خرج بعد المشتمة، وصرخ على طريقة يوسف وهبى "المسرحية دى مش هتتكرر تانى داخل القاعة"، ويبدو أن مجلس الشعب ينوى نقل عروضه إلى المسرح الكوميدى.. علشان اللى مايشترى يتفرج.