يسرى الفخرانى

يا صديقى.. إنها 2010 !

الخميس، 31 ديسمبر 2009 07:07 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نهاية عام وبداية عام، أيام معذبة وأيام عذبة.. والاثنان يلتقيان عابران طريق فى ليلة واحدة، فى هذه الليلة الفاصلة التى لا تشبه كل ما فى العام من أيام، ننظر إلى الماضى على أنه لص خفى.. سرق سنة من العمر وهرب، وإلى القادم على أنه موسم ربيع.. مزهر بالأحلام ومثمر بواقع جميل منتظر، تصبح قدرتنا على الخيال خصبة، وقدرنا من الأمانى كبير، فنكتب قصة العام الجديد كما نشاء، نغير فى الأحداث ونبدل فى الأشخاص، نخفى أسماء.. نمحو حوادث، ونصيغ نهارا مختلفا على هوى ما نأمل، كما.. سأفعل الأن..

نهار الجمعة ـ 1 يناير، شمس مشرقة تشبه الأمنيات التى علقناها أمس، على شجرة العام الجديد، نستيقظ على أخبار سعيدة على الرغم من أنه يوم جمعة، يوم عطلة الأخبار المعتادة العثور أخيرا على وزراء جدد، حركة تغيير غير محدودة فى حكومة جديدة، فى نشرة الأخبار الأولى خبر عاجل عن انخفاض أسعار السلع، يرفع التجار فورا لافتة الأسعار القديمة ويضعون أخرى بالتزام مدهش وبرغبة من ضمير، فنشعر جميعا بدفء وأمان على بيوتنا المفتوحة فى جرائد اليوم مفاجأت صباحية: استقالة رئيس تحرير أعترف أنه دس على القراء أخبار ملفقة فى الشهور الأخيرة بدافع احتلال دور البطولة المطلقة، واختفاء مذيع "توك شو" شهير بعد أن وجد أنه لا يملك شجاعة كافية لتلفيق أكاذيب جديدة فى برنامجه كل مساء.

شىء ما يكسر المألوف فى إيقاع العام الذى بدأ منذ قليل، أمس ودعنا عاما فى كسل وبلادة وأحباط، حتى إننا نسينا أن نغلق الباب وراءه بأحكام، اليوم فى الوجوه همة وحيوية مباغتة تشبه الحوادث السعيدة غير المتوقعة، مثل فوز الزمالك على الأهلى فى نهاية الدورى فى الهواء نسمة زكية منعشة نظيفة، شوارع منظمة وهدوء غير معتاد فى العاصمة، تعلو الوجوه ابتسامة توحى ببهجة حقيقية من القلب، يتناقل الناس فى بساطة أخبارا مؤكدة عن استفتاء عاجل وقريب للدستور، يهتف مصطفى وهو يشترى أرغفة خبز ذهبية من الفرن: سوف أرشح نفسى للرئاسة!، يقول دون إن يتلفت حوله فى انتظار قبضة مفاجئة، تعتدل سعاد فى الأتوبيس وهى تقرأ رواية لنجيب محفوظ وتسأل علنى يسمعه الجميع: ولماذا لا أصبح أول امرأة رئيس لمصر؟.

يقدم عمرو خالد برنامجه صناع الحياة على القناة الأولى بعد فيلم لإسماعيل ياسين فى مستشفى المجانين عند الظهر، يفصلهما تنويها عن برنامج حمدى قنديل فى السهرة، يصرح جمال مبارك على إذاعة راديو مصر أنه سيكون فى استقبال الدكتور محمد البرادعى فى مطار القاهرة عند وصوله تكريما لقدره واسمه، ويلمح أحمد عز فى جريدة الأهرام المسائى إلى احتمال تشكيل حزب جديد للشباب بقيادة جمال مبارك ينافس الحزب الوطنى، ويتردد على أحد عناوين "الفيس بوك" أن عمرو دياب يفكر فى مشروع غنائى مع حماقى!

يجرى عبد اللطيف المناوى بعد نشرة ستة فى التليفزيون حوارا على الهواء مع فتحى سرور، رئيس مجلس الشعب، يعلن فيه إجراء انتخابات مبكرة للمجلس، ويؤكد رغبته الأكيدة فى الاعتزال، والاستمتاع بما تبقى فى العمر بين بحر مارينا وشمس شرم الشيخ، وفى بداية نشرة التاسعة خبر سار عن تعديل الرواتب والمعاشات مائة فى المائة، وتوجيه كل حصيلة قناة السويس من أجل ضمان أجور عادلة لحياة مستقرة وكريمة للعائلات!

تتدفق على شريط الأخبار فى سرعة غير معتادة أنباء عن ألغاء الضريبة على العقارات لعدم دستوريتها، يعلن صفوت الشريف قرارا جريئا عن حرية إصدار الصحف بدون شروط، يصرح محمد حسنين هيكل تقديم برنامجه الوثائقى على القناة الثانية بدلا من قناة الجزيرة، بينما يؤكد نجيب ساويرس بقاء شركة "موبينيل" فى محفظة "أوراسكوم"!

يقدم أحمد المسلمانى حلقة استثنائية من برنامجه الطبعة الأولى على دريم، فيكشف عن وجوه زائفة خدعتنا تدير صحفا ومؤسسات إعلامية وتدير الرأى العام لمصالحها الشخصية أو حسب أجندة أشخاص غامضون لا نعرفهم تماما، وتحدد منى الشاذلى بكامل هدوئها المعروف قائمة بأسماء مسئولين يجب تحويلهم إلى المحاكمة العاجلة العادلة، بينما يقدم عمرو أديب حلقة خاصة من القاهرة اليوم ينصح فيها: كيف تصبح مواطنا أكثر سعادة فى عشر خطوات قصيرة؟

يسأل معتز الدمرداش فى 30 دقيقة ـ بعد التعديل ـ عن مصير العشوائيات فى مصر، فيجيب وزير الأسكان والتخطيط الجديد أنها ستنتهى مع نهاية العام، بينما يذيع طارق نور فى الفاصل إعلانات جذابة بصوته عن سهرات عيد الحب المجانية التى تقيمها الحكومة!

يعلن اليوم السابع فى موقعه الألكترونى عن استفتاء مثير يدعو فيه القراء فى كل مكان إلى اقتراح الأسماء التى تمثلهم لخوض أنتخابات مجلس الشعب المرتقبة، ويكتب القراء تعليقات ذكية حول مقال خالد صلاح عن شخصية الرئيس القادم، بينما فى جدل مهذب يتبادل القراء آراء حول خبر ظهور السيدة مريم العذراء فى سماء القاهرة.

فى الليل يخرج الناس إلى كورنيش النيل يتبادلون التهنئة بالعام الجديد، ويصلى ما تبقى الفجر فى مساجد أولياء الله ويتعهدون ببداية علاقات مختلفة، فى سيارة مرسيدس تتوقف عند إشارة حمراء يأتى صوت الشيخ رفعت نبيلا خاشعا متسللا إلى سكون القاهرة الجميل، يستيقظ النهار على الطبعات الثانية لجرائد اليوم بمانشيت أحمر فى الأهرام عن احتواء وباء أنفلونزا الخنازير.. فيتبادل الناس القبلات ويتنفسون بعمق من جديد، تنشر الأخبار فى صفحتها الأولى صورة أبو تريكة فى كامل لياقته داخل تدريبات المنتخب القومى، ويكتب محمد على إبراهيم فى صدر الجمهورية مقال طويل عن الأدب العائد إلى حوار مهنة الصحافة.

يكتب إبراهيم عيسى فى الدستور مقالا منعشا عن انتصارات نادى الزمالك، ومصطفى بكرى يكتب لأول مرة عن أهمية جائزة الميوزك أوورد، وسليمان جودة عن القاهرة القديمة سنة 2009 التى كانت على وشك الموت الأخير، بينما يعدد مجدى الجلاد مزايا محور 26 يوليو!

يقرر وزير الداخلية إعادة اللوحات المعدنية القديمة إلى السيارات الملاكى بعد أن ضاق الجميع باللوحات التى تشبه جمرك ليبيا، بينما يتكلم اثنان فى قرار على انفراد.. فيقرروا الحصول على وقت كاف للتفكير، وهكذا نرى أن نظرية التفكير الغائبة منذ زمن تعود مرة أخرى إلى مجتمعنا، تغلق محال الوجيات السريعة فى ظاهرة فريدة تنبئ بعودة الجميع إلى مائدة الطعام العائلية فى سعادة وهدؤ، وتهبط معدلات الطلاق إلى أدنى حد محتمل، بينما ينفذ الفاسدون والمنافقون الأسلوب اليابانى فى محاكمة النفس، فانتحروا انتحارا جماعيا مهذبا!

يعتزل عادل أمام التمثيل الكوميدى فبضاعته راكدة بعد زيادة نصيب المواطن من الضحك إلى الضعف، وتختصر مساحات صفحات الحوادث على عمودين وتنشر سرقات ساذجة أو مخالفات مرور غير مقصودة، تتوافر فرص عمل لكل خريج جديد حسب موهبته وليس حسب شهادته، يرصد مندوب صحيفة الشروق زيادة استهلاكنا اليومى للزهور، ويكتب سلامة أحمد سلامة عن ظاهرة "الله يسامحك" التى أصبحت هى سر العلاقات اليومية بين الناس فى الشوارع!

ينهى أحمد رجب هذا المقال فيكتب: كل سنة وأنت طيب، هذا أول السنة، وليس أول إبريل!

من حق كل مؤلف أن يكتب قصة السنة الجديدة كما يشاء خياله، أن يبدأها حلم مستحيل.. وأن يكتب لها نهاية ممكنة.

جرب فيما تبقى لك من العام أن تؤلف عاما جديدا ولو من خيال بقلمك أنت!








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة