لا يجب أن يمر حديث القيادى الإخوانى الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح مع برنامج 48 ساعة مرور الكرام، فمن هذا الحديث يمكنك أن تستخلص الكثير مما ينفع الناس وربما يكون أوله.. قاعدة عريضة تقول إن الإعلام المصرى الذى مثله فى حلقة أمس مقدما برنامج 48 ساعة "هناء السمرى وسيد على" غير قادر على الحديث والحوار عن الإخوان أو مع الإخوان، فلا يصح أبداً أن نضع رجلاً فى حجم وتاريخ عبد المنعم أبو الفتوح فى قفص اتهام كالذى نضع فيه النشالين وقتالين القتلة.
وبالتبعية لا يجب أن نطالب الإخوان بأى تطور، بينما يصر الإعلام المصرى أن يتعامل معهم بمنطق الستينيات، حيث يشكك فى كل شىء ويشوه كل شىء، ويتعامل مع ما يراه ديمقراطيا خارج الجماعة على أنه قمة الديكتاتورية والخطأ طالما صدر عن جماعة الإخوان المسلمين، ففى الوقت الذى اعترف فيه عبد المنعم أبو الفتوح علانية وعلى الهواء مباشرة أن الإخوان المسلمين أخطأوا بشدة حينما رفضوا ترشيح المرأة والقبطى لرئاسة الجمهورية، رفض السادة مقدمى البرنامج الاعتراف، وكأن الدكتور أبو الفتوح أو جماعة الإخوان لا يملكون حق الاعتذار وتعديل الأخطاء الذى منحه الله للبشر بالفطرة، وأصرا بشكل غريب على حجز الحوار فى منطقة الاتهام والتشكيك بشكل عكس حالة واضحة من ضيق الأفق والرغبة فى حوار سبايسى، ينتمى لمدرسة العشوائية هدفه التسلية وليس الإصلاح.
وبعيدا عن الإعلام، يجب ألا يمر كلام الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح عن الدولة المدنية وترشيح المرأة والقبطى للرئاسة على النخبة المثقفة مرور الكرام، فلابد أن ينتبه المثقفون فى مصر إلى الفخ الذى ينصبه النظام والإعلام، ولا يشاركون فى عزل الإخوان- سواء كانوا يختلفون معها أو يتفقون- عن الحياة السياسية بحجة التطرف، ورغبتهم فى إقامة دولة دينية على غرار ما يحدث فى إيران، لأن هناك تيارا قويا داخل الإخوان المسلمين يقوده الدكتور أبو الفتوح وعصام العريان وغيرهم، جاهزاً للاستيعاب والمشاركة فى صياغة مستقبل أفضل لهذه البلد، بدلا من إجبار الجماعة بهذا العنف الأمنى وهذا التجاهل والهجوم الخبوى على النزول مرة أخرى للعمل من تحت الأرض، ووقتها لن تجنى مصر إلا عودة تيار دينى عنيف إلى الساحة السياسية مرة أخرى.
ولهذا يجب على الإعلام المصرى والنخبة أن يعلنا براءتهما من اغتيال التيار الإصلاحى داخل جماعة الإخوان المسلمين، على اعتبار أننا أمام تيار أكثر انفتاحا ومقبول لدى الأوساط السياسية، ولا تختلف آراؤه كثيرا عما يطالب به المثقفون المصريون، وبسبب تمسكه بهذا التوجه المدنى تأخر صعوده داخل الهيكل التنظيمى للجماعة.
وبالتالى يكون من غير العدل أن يتم التعامل مع جماعة الإخوان ككتلة واحدة، يسعى الجميع - الأمن والمثقف المصرى والدولة – للخلاص منها، ولا يحق أن يكون ذنب هذا التيار الذى ضحى بحقوقه داخل الإخوان وواجه التشدد والتطرف داخل الجماعة نفسها أن يكون هدفا سهلا ودائما للهجمات الإعلامية والضربات الأمنية التى تصطاد بها الدولة رموز الإصلاح داخل الجماعة، وتترك الساحة خالية أمام من هم معروفون إعلاميا باسم صقور الإخوان أو الجيل القديم الأكثر تشددا الذى يعلو براية التنظيم فوق كل شىء، ربما ندرى أو لا ندرى بأننا بذلك نمنح الفرصة على طبق من ذهب لرموز التشدد داخل الجماعة للسيطرة على مقاليدها، وربما كان النظام وإعلامه يتعمد ذلك فى محاولة للإبقاء على صورة الجماعة لدى الغرب فى خندق العنف عبر الآراء المتشددة التى نسمعها كثيراً من مهدى عاكف ومحمود عزت وغيرهما من جيل الإخوان القديم.. ولكن المصلحة العامة الآن تطلب نظرة أخرى للجماعة بتياراتها المختلفة حتى تكسب مصر تياراً سياسياً محترماً بدلا من حصلها على تنظيم سرى يقلق منامها!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة