لم تعرف مصر طوال تاريخها المديد فرعونا أو سلطان أو ملكا أو رئيس جمهورية لم يكن له أى اهتمام بقضايا المصريين، كما أن مصر لم تعرف طوال تاريخها عبر آلاف السنين وحتى اليوم حاكما لم يكن له اهتمام بسياسة الأمة قبل أن يصل إلى سدة الحكم ويتربع على كرسى حكم مصر.
وفى العصر الحديث بداية من محمد على الذى جاء إلى حكم مصر عبر صراع شرس مع مماليك كانوا يحكمون الشعب المصرى، ولم يهبط على حكم الشعب المصرى حاكم ما بالبراشوت مثلما يريد الدكتور البرادعى، المدير السابق لوكالة الطاقة الذرية التابعة لهيئة الأمم، فالدكتور محمد مصطفى الشهير بـ"البرادعى" عاش معظم عمره الذى شارف على السبعين، أمد الله فى عمره، خارج مصر وأسرته تعيش خارج مصر سواء السيدة الفاضلة زوجته "عايدة الكاشف" المدرسة بالمدرسة الدولية فى فيينا أو ابنته المحترمة "ليلى" التى تعيش فى لندن أو ابنه مهندس الصوتيات "مصطفى" الذى يعيش ويعمل فى لندن أيضا، والرجل لم يعرف أحد عنه أنه قد ضبط متلبسا بالدفاع عن أية قضية من قضايا الشعب المصرى، أو شغل نفسه فى يوم من الأيام بالعمل العام على أى وجه كان، حتى فى فترة الدراسة الجامعية التى تكون بدايات اهتمام الشباب بالعمل العام لم يكن له أى نشاط يذكر بالرغم من كونه ابن نقيب المحامين، إلى أن تخرج من كلية الحقوق سنة 62، وبعد سنتين فقط، أى والله، ألحقوه بالسلك الدبلوماسى فى حين كان السلك غير الدبلوماسى، سلك الفقر والقوى العاملة، السلك الذى يعرفه المصريون جميعا، يضرب زملاءه خريجى الجامعة، رغم تفوقهم عليه، ليحصل الواحد منهم على راتب شهرى قدره سبعة عشر جنيه واثنين وعشرين قرشا بالتمام والكمال، فتم تعيين البرادعى سنة 64 أى بعد تخرجه بعامين، عينته القوى العاملة بقدرة القادر، فى بعثة مصر الدائمة فى الأمم المتحدة فى كل من نيويورك وجنيف، ثم عمل فى الفترة من 74 إلى 78 مستشارا لوزير الخارجية، حيث عاش فى نيويورك ليحصل على الدكتوراه من كلية الحقوق جامعة نيويورك عام 74، وفى عام 80 ترك البرادعى السلك الدبلوماسى المصرى ليصبح زميلا فى معهد الأمم المتحدة للتدريب والبحوث المعروف باسم "يونيتار" ومنذ عام 81 وحتى عام 87 كان البرادعى أستاذا غير متفرغ للقانون الدولى فى كلية الحقوق جامعة نيويورك، الرجل كان يزور مصر ضيفا كلما عنّ له يتنفس بعض الهواء الملوث بالسحابة السوداء، أو أكل طبق فول بزيت الباكم رغبة منه فى ملاطفة الروح الشعبية التى لم يعرف عنه يوما اهتماما بقضية من قضاياها، أهون على الشعب المصرى أن يقرأ أسماء المرشحين لرئاسة المحروسة فيجد بينهم "أبو العز الحريرى"، مع أنى لن أنتخبه، أو الدكتور "رفعت السعيد"، مع أنى لن أنتخبه، أو الدكتور "عصام العريان"، مع أنى لن أنتخبه، أو الدكتور أيمن نور، مع أنى لن أنتخبه، كما أنه لن يجد أكثر من خمسة أفراد لينتخبوه، فضها سيرة يا عم الدكتور البرادعى، وسيبك من حكاية الترشح لرئاسة الجمهورية هذه، ليس لأن كرسى رئاسة الجمهورية فى مصر أصبح غير مضمون العواقب فحسب وليس لأن سنك اقترب من السبعين، سبعون إلا ثلاث سنين، وليس لأنك غير محبوب، فأنت لا يعرفك أحد من عامة الشعب حتى يحبك أو يكرهك، فالشعب فى بر مصر المحروسة بالهلع وأنصار جمال مبارك وأحمد عز من أشاوس الحزب الوطنى لا يعرفك حتى يحبك أو يكرهك، كل الذى يعرفه عنك الشعب المصرى أنك عالم "ذرات" لأنك ترأست الهيئة العالمية المهيبة للذرة التى كانت من أسباب خراب العراق، مع أنك لست عالم ذرة وفيه زيك، وبالتأكيد أكثر كفاءة منك، فى مصر أكثر عشرين ألف رجل يحملون الدكتوراه فى القانون، ربنا يعمر بيتك يا شيخ، سيبنا فى حالنا وفى غلبنا مع التوريث والورثة وأحمد عز وكمال الشاذلى ويمكنك أن تتنازل عن فكرة الترشيح للدكتور "حسام بدراوى" يمكن يعرف يخلصنا من أحمد عز، مع أنى لن أنتخبه، ريح نفسك يا رجل فلن تجد عشرة نواب فى مجلس الشعب ليوقعوا على وثيقة ترشيحك فالمجلس كامل العدد فى الدورة القادمة بمناضلى الحزب الوطنى الذين يجهزون منذ الآن أعلام التوريث بعد أن حملوا الأعلام فى مباراة كرة القدم.
وبالرغم من ذلك فشلوا فى الوصول إلى كأس العالم، يكفيك أنك أصبحت مرشح الفيسبوك الأكثر شعبية، وبالطبع سوف يكفيك معاش التقاعد من وكالة الطاقة الذرية فعلى حد علمى فإنها تدفع بالدولار وهو أكثر بركة من المليارات المختلسة والمنهوبة من الشعب المصرى، أنت فتحت على نفسك باب الخرارة التى سوف تظل تخر فوق رأسك، فسوف ينهال عليك صحفيو وكتاب النظام الحاكم التابعون للقوات الخاصة التابعة لمكتب أمين السياسات بالحزب الوطنى تحت قيادة الميجور جنرال أحمد عز، سوف ينهالون عليك بأقلامهم وسوف يكشفون الآن كل عوراتك التى كانوا هم أول من دارى عليها بل وأشهروا أقلامهم تمجيدا لك عندما منحك فخامة الرئيس قلادة النيل، وما أدراك ما قلادة النيل، فقلادة النيل العظمى هى أرفع درجة تكريم مصرية وتمنح للأشخاص الذين قدموا إسهاما مميزا يؤثر على حياة المصريين، ولا يدرى أحد عن أى إسهام لك قد أثر على حياة المصريين، وقلادة النيل العظمى هى أرفع الأوسمة المصرية و تمنح لرؤساء الدول والمصريين شديدى التميز، فقد ساواك الرئيس مبارك بأعظم أديب فى تاريخ الشعب المصرى نجيب محفوظ، كما تساويت مع أعظم رجل اقتصاد وصناعة فى تاريخ مصر محمد طلعت حرب رائد الاقتصاد المصرى الذى منح رئيس الجمهورية عام 80 نفس القلادة العظمى لكن الرئيس منحها لاسم طلعت حرب بعد موته بأكثر من نصف قرن، وهى نفس القلادة التى يحملها الرئيس مبارك نفسه ويحملها قانونيون عظام مثل د. فتحى نجيب الرئيس الأسبق للمحكمة الدستورية العليا فى مصر، ووزراء سابقون مثل حسب الله الكفراوى عمرو موسى وماهر أباظة ورؤساء وزارة مثل د عبد العزيز حجازى وفنانون عظام مثل أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب، ورجال دين أكابر مثل الشيخ جاد الحق على جاد الحق وقداسة البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية، سوف ينسى كتاب السلطة منحك القلادة وسوف ينهالون عليك بسخائم الأوصاف، فضها سيرة يا عم الدكتور البرادعى أحسن لك ولنا، وسيبك من حكاية الشروط الكوميدية التى اشترطها حتى ترشح نفسك، فهذه الشروط التى تطلبها هى التى سوف تجعلك تفشل فى الوصول للكرسى المنشود، الشروط التى طالبت أنت بها تعنى أن الشعب المصرى سوف يكون حرا وله كافة الضمانات ليختار رئيس جمهوريته بكل حريته وإرادته، وعندما يكون الشعب المصري، لا قدّر الله كما يتمنى جمال مبارك، فى هذه الحال من الحرية والضمانات بنزاهة الانتخابات يا رجل بالله عليك لماذا ينتخبك الشعب المصرى؟ أو ينتخب جمال مبارك أو أيمن نور؟ أنا أقول لك شيئا بديهيا ورغم بديهيته لا تعرفه أنت عن الشعب المصري، لو وصل الشعب المصرى إلى حال من الحرية والديمقراطية الحقيقية وحصل على ضمانات حقيقية فى حريته لاختيار رئيس جمهورية المحروسة فسوف يقع اختياره على رجل من عامة الناس لم يترك حوارى وقرى مصر يوما واحدا وعاش معه طوال عمره يشرب من مياهه الملوثة ويقاوم الفساد والمفسدين ويحلب الهوا حتى يربى أبناءه فى مدارس أشبه بالسجون التى عاش أكثر عمره فيها تحت حكم من لا يرحمون وسارقى لقمة العيش من فم الأطفال، وهذه الأوصاف كلها تنطبق على كل أفراد الشعب المصرى فى الأزقة والحوارى والقرى والنقابات التى هدتا الاعتصامات والجامعات التى أفسدوها، الذى يصلح كل منهم ليكون رئيسا للجمهورية أكثر منك ومن جمال مبارك ومن أيمن نور، فيا ريت تريّح نفسك يا عم الدكتور البرادعى وتريحنا من اشتراطاتك البلهاء.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة