بحث طويل عريض لعالم أزهرى ينتهى بفتوى جواز ترقيع الزانية وبنات الليل والنهار غشاء البكارة حتى يعدن جميعا كواعب أبكارا.. ماذا يعنى ذلك؟ فتوى سابقة لعالم أزهرى حول رضاع الكبير لتجاوز التحريم عند اجتماع الرجل والمرأة الغريبين فى مكان واحد.. ماذا يعنى ذلك؟ جدل شديد بين من يوصفون بعلماء العصر حول شرب الصحابة بول الرسول صلى الله عليه وسلم والأحاديث المتداولة بهذا الشأن.. ماذا يعنى ذلك؟
يعنى ذلك الحاجة الماسة إلى تجديد الخطاب الدينى وربطه باحتياجات الإنسان فى الزمان والمكان، فاحتياجات الإنسان طارئة ومستجدة بحسب توالى العصور وبروز المستجدات والتحديات الحضارية، وهو ما يخلق تحديا أمام رجال الدين المطالبين بفريضة الاجتهاد والتفسير للنص الثابت بما يسد احتياجات المسلمين.
الحادث أن كثيرا من العلماء قد اختاروا الطريق السهل، وهو الغرق فى سفاسف التراث، وتقديس التابعين والعلماء القدامى، رغم أنهم لم يكونوا سوى رجال اجتهدوا فأصابوا وأخطأوا، وهم فى مأمن من الخوف والكسل استنادا إلى أنهم لو أصابوا فلهم أجران وإن أخطأوا فلهم أجر الاجتهاد.
العجيب أن العلماء فى عصرنا هذا قد ابتعدوا تماما عن كل ما يهم الناس من القضايا والمشكلات، ووقعوا فى حالة من الفصام مع الحياة الحاضرة ومشكلاتها، وارتضوا لأنفسهم أن يغرقوا فى توافه الأمور وفى غريب التراث، تعويضا عن تقصيرهم فى مهمتهم الأساسية أو تغطية لعجزهم عن التصدى للقضايا التى تحتاج علما وجرأة وابتكارا فى التخريج والاجتهاد، وتتفق مع احتياجات الناس وطبيعة حياتهم.
تناول المفكر الراحل على شريعتى يجسد حالة هؤلاء العلماء الكسالى الذين لايقصرون فقط عن مساعدة الناس بالعلم، بل يزيدونهم تشوشا، وذلك فى رسالة طريفة صغيرة عنوانها "النباهة والاستحمار"، واستشهد فى رسالته هذه بحوار بين رجلى دين من عينة المفتين بجواز ترقيع غشاء البكارة أو برضاع الكبير ، كان رجل دين يحاور زميله قائلا : ماذا كنا سنفعل لو خلق الله آذاننا تحت آباطنا؟ كيف كنا سنسمع عندئذ ؟ ويرد زميله : الحمد لله الذى خلق آذاننا فى مواضعها ولم يخلقها تحت آباطنا. واستمر جدل رجلى الدين، فى " النباهة والاستحمار" حتى وصلت إلينا نباهة نادرة واستحمارا غاشيا نرجو أن ييسر الله له من يزيحه بالعلم الذى ينفع الناس.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة