فرنسا تسلم مسروقات "آرسين لوبين" الإسرائيلى

الأحد، 22 مارس 2009 07:59 م
فرنسا تسلم مسروقات "آرسين لوبين" الإسرائيلى التحقيق استمر فى القضية 23 عاماً

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"إنها لحظة مؤثرة"، هكذا وصف المحقق الإسرائيلى آفى رويف الاحتفال الذى شهدته السفارة الإسرائيلية فى باريس يوم الجمعة الماضى، حيث تعيد فرنسا رسمياً جزءاً من الغنيمة التى استولى عليها اللص الأسطورى الإسرائيلى نعمان ديلر، من متحف الفن الإسلامى فى القدس سنة 1983، والتى تعد واحدة من أكبر عمليات السطو وأكثرها غموضاً فى إسرائيل، وواحدة من أشهر سرقات الساعات فى العالم بلا شك، حيث استمر التحقيق فى تلك القضية 23 عاماً، حتى بعد وفاة ديلر فى 2004، والذى أطلق عليه بيير تابل، رئيس المكتب المركزى لمكافحة تجارة الممتلكات الثقافية فى باريس، "آرسين لوبين الإسرائيلى" من هو هذا اللص الذى حير الشرطة الإسرائيلية؟ وما هى تفاصيل تلك السرقة المذهلة؟.

ولد ديلر عام 1939 فى كيبوتز إسرائيلى يقع على سهل ساحلى وكان يمتلك جميع المزايا التى قد تؤمن له مستقبلاً ناجحاً، الوسامة والذكاء بالإضافة إلى التحاقه بسلاح المطاردات الجوية، الذى يمثل الارستقراطية العسكرية الإسرائيلية، إلا أنه، وقبل أسبوعين من تخرجه، ارتكب ما لا يمكن إصلاحه فقد حلق بطائرته على ارتفاع أقل بكثير من المسموح به، وذلك لأنه كان يرغب فى رؤية مستوطنته عن قرب، وكانت النتيجة هى استبعاده من هذا السلاح.

ومن هنا بدأت حياة ديلر الجديدة قام بالسطو على منزل فى الكيبوتز الذى يعيش به أثناء مراسم دفن أحد الأشخاص، فطرد من الكيبوتز وتوجه للإقامة مع إحدى قريباته فى تل أبيب، حيث ارتكب سرقات صغيرة من سيارات ومحلات وفى 1967، نجح فى أولى عملياته المتطورة للسطو على أحد البنوك إذ تنكر فى زى عامل بريد وتظاهر بقيامه بعملية صيانة طويلة وتمكن على مدار خمسة شهور، وفى عز النهار، من حفر نفق يصل إلى الغرفة التى توجد بها خزائن الأموال ويذكر أنه فى خلال تلك الفترة، شارك فى حرب الأيام الستة.

وبعد نجاحه فى اقتحام البنك، ألقت الشرطة القبض عليه أثناء قيامه بمحو آثار دخوله المكان تم الحكم عليه بالسجن أربع سنوات، وبعد خروجه اكتشف إصابته بسرطان الجلد وعلى الرغم من ذلك، لم يتوقف عن عمليات السطو التى وصل عددها إلى 23 عملية، من بينها سرقة كبيرة لعدد من اللوحات الفنية، حكم عليه فيها بالسجن سبع سنوات سافر بعدها إلى هولندا لدراسة الطب الطبيعى، غير أنه ألقى القبض عليه هناك مرة أخرى خلال سطوه على أحد محلات المجوهرات، وتم ترحيله إلى إسرائيل، حيث ارتكب آخر عملية سرقة له قبل أن ينهى نشاطه الإجرامى وفى عام 2004، توفى ديلر من جراء مرض السرطان الذى أصابه قبل أعوام.

إلا أن أهم قضية خلال مشواره فى عالم السطو تظل بكل تأكيد قضية سرقة متحف الفن الإسلامى فى القدس، ليلة 16 أبريل 1983. حيث نجح ديلر فى سرقة 106 قطع قيمة للغاية، من ضمنها مجموعة من الساعات التى لا تقدر بثمن، من ساعات يد أو جدارية أو بندول وغيرها، تصل إلى عشرات الملايين من الدولارات، وهى من إبداع أشهر مصممى الساعات فى القرنين الثامن والتاسع عشر ومن أغلى وأجمل القطع فى تلك المجموعة هى ساعة اليد الخاصة بـ"مارى أنطوانت" التى تعد تحفة فى عالم الساعات تضاهى الموناليزا فى عالم الفن، حتى أنه يطلق عليها "موناليزا الساعات".

لم يسفر البحث خلال 23 عاماًَ عن أى شىء.. الشرطة تبذل محاولاتها، وإدارة المتحف تتمنى أن يطالبها اللصوص بفدية حتى تتمكن من استعادة المسروقات التى قيدت بالتفصيل وبمنتهى دقة. وحيث إن هواة التحف لا يجهلون مصدر القطع الآثرية، فإنه فى مثل تلك النوعية من السرقات، لا يصبح فى بعض الأحيان أمام اللصوص سوى العودة إلى ضحيتهم لعقد صفقة معها لتسوية الأمر.

مفاوضات سرية
فى نهاية عام 2006، تلقى متحف الفنون الإسلامية مكالمة من إحدى المحاميات تقول، إن عميل لها بحوزته حوالى أربعين قطعة من القطع المسروقة وبدأت مفاوضات سرية بين المحامية والمتحف انتهت باسترداد المتحف لتلك القطع مقابل مبلغ مالى تافه، حوالى 150 ألف شيكل، أى 27 ألف يورو لم يتم إخطار الشرطة التى علمت بأمر تلك الصفقة من خلال مقال نشر فى صحيفة، مما أثار غضب المحققين.

غير أن بارقة أمل جديدة قد لاحت فى الأفق فيما بعد، عندما حاولت سيدة إسرائيلية فى لوس أنجلوس تقدير قيمة واحدة من القطع المسروقة عند أحد الخبراء، الذى قام بإبلاغ الشرطة وبمجرد ذكر اسمها، نيلى شومرت، اكتشف المحققون الإسرائيليون على الفور أن تلك السيدة ليست سوى أرملة ديلر.

وفى الولايات المتحدة الأمريكية تم استرجاع عدد كبير من القطع المسروقة ومنها ست ساعات، واكتشف الأمريكان وثائق بنكية قادت الشرطة الإسرائيلية إلى خزنة فى هولندا واثنتين آخريتين فى فرنسا فى بنكى BNP وسوسيتية جينيرال، حيث وجد بداخلها فى نوفمبر 2008 المكتب المركزى الفرنسى لمكافحة تجارة الممتلكات الثقافية عشرات التحف بأحجام كبيرة نسبياًَ، ومنها 42 ساعة فى هيئة قطع منفصلة لم يبقَ إذا من محصلة ذلك السطو سوى عشر ساعات مفقودة، من بينها أربعة تسعى الشرطة السويسرية للتوصل إليهم.

أما الإسرائيليون فقد اطمئن قلبهم لاستردادهم الجزء الأكبر من أضخم عملية سرقة شهدتها إسرائيل، وهم الآن فى انتظار تسلم أرملة أسطورة السطو الإسرائيلى.
*عن صحيفة لوموند الفرنسية









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة