لا شك أن الانتخابات (أية انتخابات) هى ظاهرة حضارية ناهيك عن كونها شرطاً لازماً جازماً لتحقيق الديمقراطية، التى أصبحت بدورها لازمة جازمة لتحقيق العولمة، التى أصبحت لازمة جازمة للحرب ضد الإرهاب، التى أصبحت لازمة جازمة لتمتع البشرية بوجود (منتجعات) جوانتانامو التى أبدعتها الولايات المتحدة الأمريكية ليستجم فيها المواطنون من جميع أنحاء الكرة الأرضية. وبما أننا ذكرنا الكرة الأرضية، فلا بد لنا من ذكر كرة القدم وما دمنا ذكرنا كرة القدم، فحتماً ومن اللازم الجازم أن نتحدث عن الأندية المصرية التى تمارس كرة القدم كمورد رزق لآلاف المواطنين من شعبنا الطيب، وبالذات كمورد رزق للشباب الحر المكافح الذى اختار الطريق الصعب لتأمين مستقبله ببعض الملايين القليلة تحسباً لغدر الأيام، وهكذا صديقى القارئ ترى أننا بدأنا بالانتخابات وانتهينا لغدر الأيام، وقد يتساءل البعض: ما علاقة انتخابات الأندية بغدر الأيام؟ وأجيب على الفور ألم نتبع تسلسل الأمور منذ البداية فى ترابطها من الانتخابات إلى الغدر؟، وهكذا سوف تجد فى هذا المنطق التخاريفى اللازم الجازم علاقة وطيدة بين ما يحدث فى انتخابات الأهلى والزمالك بالغدر، وحتى لا ندخل أنفسنا فى نفق تسلسلى لازم جازم علينا أن نتوقف عن هذا الهذر الذى يشبه تماماً طريقة المرشحين فى التحدث عن برامجهم الانتخابية فى الفضائيات، فما أن يسمح مقدم البرنامج لهذا المرشح أو ذاك بالحديث أمام الكاميرا حتى ينبرى هذا الأخير بالحديث بطريقة لا تختلف كثيراً عما قلناه آنفا، وإن كان الأمر يختلف بالنسبة لمرشحى النادى الأهلى عن مرشحى نادى الزمالك، فلكل شيخ انتخاباتى طريقته، سواء فى الانتخابات أو الغدر، بالرغم من وجود مجموعة الحكماء فى الناديين العريقين، وإن كانتا مختلفتين فى كل من الناديين، فظاهرة الحكماء فى النادى الأهلى تختلف كلياً عن ظاهرة الحكماء فى نادى الزمالك، فحكماء النادى الأهلى كلهم متشابهون متجانسون وعلى قلب رجل واحد هو قلب الراحل العظيم صالح سليم صاحب الإنجازات قبل أن يكون صاحب الكاريزما الطاغية على كل الأهلاوية حتى الذين اختلفوا معه فى حياته، فحكماء الأهلى إذن كلهم يشكلون تياراً واحداً غالباً وصاحب الأغلبية، وهو التيار الذى يمثله مجلس الإدارة الحالى برئاسة حسن حمدى ونائبه محمود الخطيب مروراً بالمهندس هشام سعيد الذى هو تربية صالح سليم، ولا يوجد فى النادى الأهلى أى تجمع آخر يمكن أن يطلق عليه مصطلح "تيار" معارض، ولكن يوجد بعض الأفراد المعارضين، سواء من بعض الرياضيين المعارضين أغلبهم – على قلتهم – من لاعبى كرة القدم سواء الذين اختلفوا مع صالح سليم فى حياته أو مع مجلس الإدارة الحالى، وهذه المجموعة البسيطة لا تشكل تياراً معارضاً، لأنها لا تمتلك أية أرضية وسط الجمعية العمومية للنادى، فحكماء النادى الأهلى هم حكماء التيار الصالحاوى وهم الذين يستطيعون الموافقة أو الرفض لترشيح الرئيس والذين يتدخلون بالتشاور الملزم مع مرشحهم للرئاسة فى اختيار قائمته أما بقية المرشحين فليس لهم حكماء، فمن يرشح نفسه للرئاسة خارج إرادة الصالحاوية يجد صعوبة بالغة فى تشكيل قائمته الانتخابية من الأعضاء لدرجة أن بعض مرشحى الرئاسة فى السابق كانوا يعجزون تماماً عن استكمال قوائمهم، فتجد مثلاً أن مختار حسين وجنيدى إذا رشحا نفسيهما للرئاسة فى مواجهة مرشح الصالحاوية حسن حمدى، تجد كلا منهما وقد اختلطت قائمته من كل الأعضاء من خارج قائمة حسن حمدى، فتجد عدداً من الأعضاء المرشحين فى قائمة جنيدى، وهم نفس الأعضاء المرشحين فى قائمة مختار حسين وفى النهاية لا ينجح هذا المرشح ولا حتى أى عضو من قائمته وبهذا الشكل تجد أن التيار الصالحاوى الذى يشكل مجموعة حكماء الأهلى هو المتحكم فى العملية الانتخابية فى النادى الأهلى، وهذا هو سر نجاح النادى الأهلى.
أما فى نادى الزمالك فالأمر مختلف تماماً، فلم يستطع أى لاعب أو رئيس سابق – وهم أفاضل جميعاً ومشهود لهم كأفراد بالكفاءة وحسن الخلق– لم يستطع تشكيل "تيار" يمكن أن يشكل مجموعة متجانسة من الحكماء ومع أن نادى الزمالك نادٍ عريق ويمتلئ بالحكماء الحقيقيين، لكنهم لا يشكلون تياراً واحداً، لأن كلاً منهم يشكل تياراً قائماً بذاته، فإذا كان النادى الأهلى به مجموعة الحكماء الذين يشكلون تياراً واحداً هو التيار الصالحاوى، فإن نادى الزمالك به عدد ليس بالقليل من مجموعات الحكماء التى تشكل عددا من التيارات، فلكل مرشح للرئاسة مجموعة من حكمائه الذين يساندونه ويختارون له أعضاء قائمته الانتخابية من بعض أبنائهم أو أبناء أصدقائهم، ولذلك سوف تجد تيار مرتضى منصور وتيار كمال درويش وتيار ممدوح عباس، وهى التيارات الرئيسية فى هذه الأيام مع وجود بعض التيارات الأصغر حجماً والأقل تأثيراً مثل تيار إسماعيل سليم وتيار رءوف جاسر وتيار المندوه الحسينى، ولذلك أيضا فسوف تجد هذه التيارات الأقل تأثيراً تتأرجح ما بين هذا التيار الرئيسى أو ذاك حتى تنضم إليه فسوف نجد مثلاً تيار رءوف جاسر قد انضم لتيار ممدوح عباس وإذا نجحت المساعى، فسوف ينضم تيار إسماعيل سليم إلى ممدوح عباس، وبالتالى سوف يبتعد تيار رءوف جاسر عن تيار ممدوح عباس ليذهب تيار المندوه الحسينى إلى تيار مرتضى منصور إذا ما استطاع أبناء الحلال التوفيق بينهما، وهكذا - أو لهكذا – فإن مساعى الدكتور سيد مشعل غير مجدية، ولن تنجح فى خلق تجمع واحد لتيار واحد وكل ما سوف يحدث هو أن الدكتور سيد مشعل سوف ينجح بلا شك فى صنع تيار جديد يضاف إلى التيارات الموجودة قبل ذلك، وفى النهاية ربما يكون هذا التيار الوليد برئاسة الدكتور محمد عامر مثلاً، وهنا سوف تتضح العلاقة الحميمة بين الانتخابات وغدر الأيام، لكننا لا نريد أن نسبق الأحداث فلننتظر ما تأتى به الأيام، سواء كان فى انتخابات النادى الأهلى أو انتخابات نادى الزمالك وإن كانت انتخابات النادى الأهلى سوف تمر – كما مرت دائماً – بدون أية خسائر بشرية فى الأرواح وندعو الله العلى القدير أن تمر انتخابات نادى الزمالك بأقل الخسائر فى الأرواح، لكنها بلا شك لن تمر بدون خسائر فى الممتلكات، فنفقات انتخابات نادى الزمالك من مياه غازية وكباب ورحلات وبالونات للأولاد سوف تكون كبيرة فى هذه المرة.