منذ خمس سنوات اعترف حسين مصطفى الخمينى حفيد آية الله الخمينى بأن ولاية الفقيه هى "ذروة المنكرات" وأن الشعب فى إيران يعانى الاختناق وأن أجهزة الاستخبارات الإيرانية تدس عملاءها فى الحوزة العلمية فى مدينة "قم" الإيرانية فى صورة رجال دين معممين يحضرون الدروس الدينية.. حفيد الخومينى أكد أن السياسة المطبقة فى إيران تقوم على تكميم الأفواه وكتم الأصوات المعارضة، وعلى تخوين الناس وأن موقف إيران المشارك فى الصراع العربى - الإسرائيلى موقف مصطنع وأن الأولى للإيرانيين الاهتمام بشئونهم من دون الفلسطينيين، لأنهم يعانون أكثر منهم.
الاعترافات قد تبدو طبيعية لو أطلقها شخصية أخرى غير حفيد مؤسس الجمهورية الإسلامية الإيرانية - والتى جاءت على أنقاض دولة الشاه محمد رضا بهلوى منذ 30 عاماً لتنهى أسطورة عرش الطاووس ولو ظاهرياً ليحل محلها "عرش الفقيه".. أما وقد صدرت من حفيد الخومينى نفسه فإن الأمر يبدو مختلفاً وخطيراً، لأنه يكشف عن المعنى الحقيقى لولاية الفقيه التى انحرفت عن مسارها.
فالفقيه فى مفهوم شيعة إيران هو ظل الله على الأرض.. هو العادل والقادر والعالم والكامل الذى لا يخطئ، والمتحكم فى كل السلطات حتى لو بدا للآخرين عكس ذلك فإذا أراد آية الله الفقيه أن يصل بالمحافظين للحكم، فهم قادمون لا محالة، وإذا أرادها للإصلاحيين، فإنه يملك من السلطات ما يجعله قادراً على ذلك ومن يخالف من أبناء الجمهورية الإسلامية فقد خالف الفقيه، ومن خالف الفقيه فقد خالف الله ومن يخالف الله فقد كفر بثورة رفعت ظاهراً التعددية والديمقراطية، ولكنها فى الخفاء جمعت الدنيا والدين فى يد الإمام ليصادر حقوق المواطن لتتحول إيران لجمهورية ظلامية استبدادية لا سلطان فيها إلا للفقيه.. سلطان لا يمارسه سوى مرشد الثورة الإيرانية.. سلطان جعله المفوض فى كافة شئون الحياة بتوكيل إلهى.. سلطان أعطى للمرشد حق التدخل السافر فى توجيه مسيرة الديمقراطية بفرض شخصيات موالية لذاته بعيداً عن المصلحة العامة تضمن الولاء التام له.
من هذا المنطلق سخر آية الله الخومينى ومن بعده آية الله خامئنى كافة موارد وثروات إيران لتحقيق أغراض شخصية ترفع شعار "تصدير ثورة ولاية الفقيه".. فلا الخومينى ولا خامئنى التفتا لمآسى الشعب الإيرانى الذى يتعرض لحملة تجويع موجهة لدرجة أن نسبة الفقر وصلت لما يزيد عن 50% من إجمالى تعداد السكان الذى تجاوز 75 مليون نسمة.. فى الوقت الذى يمنح فيه ولى أمر المسلمين "آية الله خامئنى" مبالغ تقدر قيمتها بنحو 7 مليارات دولار لإنفاقها على الحملة الانتخابية للرئيس الحالى أحمدى نجاد لدعم وضعيته الانتخابية، والذى لم يتعلم فيها من دروس الماضى، حينما تلاعب أحد رموز النظام المدعو "باقر قليباق"، الذى كان مشرفاً على الحملة الانتخابية لنجاد، بالأموال العامة خلال انتخابات 2005 بإيداعه الأموال المخصصة للحملة الانتخابية فى حسابات خاصة بأقاربه خارج إيران ومرت الواقعة دون محاسبة حقيقية، فهل هذا هو النظام الإسلامى المزعوم الذى أضاع 7 مليارات دولار من أموال الشعب ليتم تصديرها وتأميمها لصالح أسر وأقارب وأصدقاء وأتباع آيات الله الذين فشلوا فى تطبيق تصدير الثورة الإيرانية للخارج فتفرغوا لتصدير مليارات وثروات شعب إيران للخارج.
تلك الجريمة جعلتنى على يقين من أن آيات الله فى "قم" قادوا الثورة من أجل "الثروة" مستخدمين كل الخدع عبر عمائمهم السوداء ليواصلوا نهب ثروات الشعب الإيرانى زارعين داخل العامة أنهم نظام ديمقراطى يمثل الإرادة الشعبية، إلا أن واقعها يخضع لسيطرة شخصية واحدة تتحكم فى مقدرات الدولة بعيداً عن مصالح مواطنيها، مما يفقدها المصداقية وأى معارضة لتوجيهات تلك الشخصية المحورية التى يدور فى فلكها النظام تعتبر خروجاً عن نهج وخط الأمام وتهديداً للأمن القومى لإيران.
سقطت عمائم آيات الله بعد فضيحة المليارات السبع ولم يعد هناك، سواء داخلياً أو خارجياً، من يثق فى شعارات ثورتهم التى أصبحت كارثة على الشعب الإيرانى وشعوب المنطقة وجعلت أقرب الناس لهذه الثورة المزعومة يفتح النار عليها رافعين راية التمرد، فما قاله حفيد الخومينى من أنه اكتشف فى النهاية أن ولاية الفقيه من المنكرات، وأنه لا طاعة لفقيه استخدم كلمة "التصدير" فى مسارين فقط أما تصدير الثروة لصالحهم أو تصدير ثورتهم لدول المنطقه.. فهل يستوعب كل شيعى عربى فى العراق ولبنان واليمن ومصر أن ارتباطه بشيعة إيران ما هو إلا ارتباط بأحبال شياطين الـ "قم" ذوى العمائم السوداء؟.
عبد الفتاح عبد المنعم
فقه آيات الله الجديد.. تصدير "الثروة" قبل "الثورة"
الثلاثاء، 14 أبريل 2009 12:25 ص