لا أظن أن فى العنوان أى تحامل، فللأسف هذه هى الحقيقة، ودعك من كلام بعض قيادات الحزب الحاكم، فالقضية أكبر من تعاطف هنا أو هناك، وأكبر من تصريح يقر بحق البهائيين فى حقوق مواطنة متساوية مع غيرهم من المصريين.. بل ودعك أيضا حتى مما يتردد حول مناقشات داخل الحزب الحاكم حول إلغاء خانة الديانة من بطاقات الرقم القومى ومن كل الأوراق الرسمية، فهذا كله مع كامل الاحترام له ولمن يقومون به لن يحل أصل المشكلة.
ما هو أصل المشكلة إذن؟
هو الحريات، فمن الصعب أن تتحول مصر إلى دولة مدنية حقيقية، تحترم حقوق المواطنة دون حسم لقضية الحريات، ولا أقصد فقط حرية الرأى والتعبير، ولكن حرية التنظيم أيضا، أى حرية تكوين جمعيات وأحزاب ونقابات وحرية إصدار صحف وقنوات إذاعية وتليفزيونية.. وأن يتم تنقية كل القوانين التى تتعارض مع حرية الاعتقاد وحرية الرأى والتعبير وغيرها.
هل هذا سيحل مشكلة البهائيين؟
نعم، بل وسيحل كل مشاكل الاحتقان الطائفى ومشاكل الاحتقان السياسى أيضا، لأن الناس سوف تجد قنوات طبيعية وسلمية لتنظيم غضبها، فهناك أحزاب سياسية تنبع من احتياجات حقيقية للناس، والفاشل فيها يضمحل ويختفى. وهناك حرية تأسيس نقابات، فينضم المواطن منا للنقابة التى تدافع عن مصالحه، وهناك حرية تكوين جمعيات، فينضم الواحد منا إلى ما يشاء لكى يمارس العمل التطوعى.
كل هذا التفاعل الحر والخلاق سيوصل الناس حتما، إلا أنه لا يمكن أن تكون هناك حرية لى دون أن يكون الآخر حرا، فلا يمكن أن يكون لى حق اختيار الدين الذى أريده دون أن يكون لجارى ذات الحق، فالحريات هى السياج الحقيقى لحماية مصالحنا وأفكارنا، بل وحياتنا كلها على بعضها. ولا يلجأ الناس فى هذه الحالة إلى الغضب العشوائى، حرق البيوت، عمليات إرهابية، أو ينجرفون فى الفوضى وانتهاك حريات الآخرين، بدلا من أن يدافعوا عن مصالحهم.
ناهيك عن أن تكريس هذه الحريات، سينقل التعليم والثقافة وغيرها إلى منطقة أخرى، ليس فيها نفى ولا فيها احتكار مؤسسة دينية أو سياسية للبلد.
فإذا كان هناك فى الحزب الوطنى جاد، فى إنقاذ البلد من الحرائق الطائفية والحرائق العشوائية، فأعتقد أن هذا هو الطريق الوحيد.. أى طريق الدولة المدنية العلمانية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة