كان يقلب فى أرغفة العيش الفينو النحيفة التى تشبه البقسماط، وسأل صاحب الفرن: مالكم كده سخطتم الرغيف، هو مش الأسعار نزلت؟. رد صاحب الفرن بقرف: والله الأزمة العالمية شغالة وياريت بس يفضل الحال على كده؟. رد الموظف غاضبا: الأزمة العالمية رخصت الأسعار فى كل الدنيا. وانتم بترفعوا السعر كل يوم. وبعدين لما رفعتوا سعر الرغيف قلتم الأسعار العالمية نزلت الأسعار وانتم سخطتوه زيادة.. والله دى مش أزمة عالمية دى أزمة ضمير. هى البلد دى مافيهاش حكومة؟.
و عندما ذهبت ربة البيت تتسوق فوجئت بالخضرى يقول لها إن ثمن واحدة الخس جنيهان والخيار بأربعة فصرخت فيه: ليه هو انتم كل يوم بسعر دا طبق السلطة بعشرة جنيه. رد الخضرى: ياست الأزمة العالمية خلت الحاجة نار. ردت: هى الأزمة العالمية وصلت للخس والجرجير؟.
ولما توجه مواطن لشراء حديد تسليح طلب التركى لأنه أرخص سعرا، وسأل التاجر: ليه الحديد المصرى أغلى ، والتركى أرخص مع إن المستورد بيصرف نقل ورسوم.. ولما الحديد سعره ولع قالوا أسعار عالمية، ولما رخص بره ما رخصش هنا؟. لم يجد عند التاجر إجابة، لكنه قرأ أن منتجى الحديد يطالبون بفرض رسوم حماية على المستورد لمنع الإغراق. فسأل جاره: ليه المنتجين عندنا بيخافوا من الإغراق، مع إنهم أغرقونا فى أسعارهم المولعة؟. رد جاره: لكن المستورد بيقفل بيوت عمال والمصانع هتفلس. ولازم نحمى الصناعة الوطنية. رد الرجل ببراءة: يعنى بتوع الحديد يمصوا دمنا وتقول لى صناعة وطنية، طب هو الشعب المصرى مش صناعة وطنية برضه؟.
وبعد أن ذهب الرجل ليشترى قمصان وبنطلونات لأبنائه، عرض عليه البائع قمصان مستوردة أرخص من المحلى، ولم يتركه لينهى كلامه وقال له: هات ياعم المستورد، أرخص وأحسن، وماتقوليش صناعة وطنية. لو عايزين يدعموا الوطنى يبطلوا استغلال ويبطلوا غنا. عاوزين يكسبوا ويقولوا شجع الوطنى.. واحنا مين يشجعنا؟.
وفى المقهى كان صديقنا العائد من لندن يتحدث عن أسعار الملابس التى انخفضت لأكثر من النصف، وأسعار المساكن التى انخفضت، وشركات السيارات التى تقدم عروضا وتعطى سيارة على كل سيارة تبيعها. ومصمص الجالس بجوارنا شفتيه، وأبدى حسرة على حاله، وقال: أمال عندنا ما فيش حاجة رخصت، السكن والأكل والشرب. هو احنا حظنا هباب فى كل حاجة، إذا رفعوا بره نرفع وإذا خفضوا برضه نرفع، وإذا الدولار ارتفع يزودوا وإذا نزل يرفعوا.. تدخل جاره وقال له: كمان الحكومة عندنا بتقول إن هنشوف أيام زرقا مع الأزمة، وفيه مصانع هتقفل وناس من بره هترجع. والبطالة هتزيد.. طب أنا ولادى عطلانين أصلا، قبل الأزمة العالمية وبعدها وفى وسطها عاوزين نفهم حد يفهمنا.
ومن بعيد تدخل أستاذ يبدو بنظارته وهيئته خبيرا اقتصاديا تحدث عن قوانين الاقتصاد وقال: لما العرض يزيد والطلب يقل مفروض الأسعار تنخفض، وفى أمريكا وأوربا مع الأزمة العالمية حصل ركود والشركات أغلقت أبوابها والأخرى تحاول إنقاذ نفسها بتقديم عروض مغرية لتوفير السيولة. ودى قوانين السوق. فباغته »المغلول« بسؤال: أيوه واحنا فين من قوانين السوق دى.. يعنى العرض يزيد أو يقل مافيش أسعار بتنزل.. فرد الأستاذ: لا احنا وضعنا مختلف. اقتصادنا ملعبك. فعاد ليسأله: يعنى احنا بعيد عن الأزمة العالمية؟. رد: لا طبعا متستعجلش. فعاد ليسأل: امتى؟. قال: بعد شوية. فكرر المغلول: طب ودى كويسة لينا ولا وحشة؟. رد: طبعا وحشة. فقال له: يعنى أكتر من كده؟. ثم استدرك: والله خليها تيجى على الله تاخد الحكومة معاها. وانتحى جانبا وهو يضحك باكيا ويدندن:
الأزمة العالمية جاية..
جاية بعد شوية..
جايبة لعب وحاجات.