كنت أظن أن فكرة احتكار الوطن والوطنية فى بلدنا فى طريقها للزوال، ولكن المقالة التى كتبها الزميل أنور الهوارى، وللأسف قرأتها متأخرا، بعنوان "الإعلام البديل: التوجهات والتمويلات"، أكدت لى أننا سنأخذ وقتا طويلا حتى يتوقف البعض منا عن اعتبار نفسه الممثل الشرعى والوحيد للوطن والوطنية.
فقد انطلق الهوارى من مقدمات مزيفة وخطرة أولها أنه حكى وقائع مجهلة بأسماء مجهلة وفى أماكن مجهلة كان هو شاهدها الوحيد، ومن ثم فهى كلام مرسل لا يصمد أمام أى نقاش جاد، ثم إذا كانت هذه الوقائع تشير إلى أن الذين حكى عنهم ضد الوطن.. فلماذا لم يتقدم ببلاغ للنائب العام يتهمهم فيه مباشرة، أو على الأقل كان قد اعتبر مقالته التى نشرها فى الأهرام المسائى وأعاد نشرها موقع المصريون بلاغا للنائب العام للتحقيق. ثم أنه يمكن لكثيرين غيره أن يحكوا وقائع مجهلة ضده هو شخصيا، ويطعنون فى وطنيته، ولكن كما يعرف الهوارى هذا سلاح فاسد فى صراع الأفكار والتصورات السياسية، استخدمه باستسهال حتى يطعن خصومه وخصوم النظام الحاكم.
المغالطة الثانية هو الدمج بين الدولة والنظام الحاكم، فالدولة كما يعرف ملك لكل المصريين، أما نظم الحكم والحكام فيتغيرون، ومن ثم فمن حق أى مواطن طبقا للدستور والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان أن يعبر عن أفكاره بإصدار ما يشاء من صحف وقنوات تليفزيونية وحق تأسيس أحزاب وجمعيات وغيرها، فهذه الحقوق التى ليس من حق الهوارى أو الحكومة أن تحرم منه المصريين.
المغالطة الثالثة أن الهوارى، الذى ترأس فى أعقاب هذه المقالة رئاسة تحرير مجلة الأهرام الاقتصادى، يتجاهل أن المؤسسات القومية (صحافة وتليفزيون وإذاعة) يحتكرها نظام الحكم، رغم أنها ملك لكل المصريين، وهى لا تعبر عنهم، والأكثر منطقية أن ينفق الحزب الوطنى من جيوب أعضائه على صحف ووسائل إعلام، فليس من حقه استغلال أموال المصريين دون إرادتهم للترويج لرسالته السياسية.
أما كلام الهوارى مؤامرة تفريغ مؤسسة الأهرام من العاملين فيها، فهى مجرد منافسة بين الصحف لاستقطاب الكفاءات، فالأهرام وغيرها من المؤسسات الحكومية لا تستعبد الصحفيين، ثم إذا كان الهوارى قلبه على الأهرام، فلماذا تركها ورأس تحرير جريدة المصرى اليوم ومن بعدها الوفد. فهل السبب فى هذه المقالة هو مرارة الاستغناء عنه هنا وهناك؟
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة