سعيد شعيب

تطرف جبرائيل

السبت، 30 مايو 2009 06:14 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من الصعب أن تجد فارقاً جوهرياً بين الأستاذ نجيب جبرائيل أحد مستشارى البابا القانونيين، وبين أى متطرف من الإخوان والأزهر وغيرهم. ففى مطالبته بمصادرة كتاب "المعلم يعقوب"، استخدم ذات الحجج، وأولها التعبيرات المطاطة من نوع أن الكتاب يمثل تحريضاً وتعصباً ضد الأقباط. وأضاف الحجة الشهيرة التى يرددها نواب الإخوان تحت قبة البرلمان عندما يريدون مصادرة عمل لا يعجبهم، وهو أنه صادر عن جهة حكومية تمولها ضرائب الأقباط ومعهم المسلمون.

ناهيك عن أنك لن تجد فرقاً فى الأداء المذعور لوزارة الثقافة فى مثل هذه الحالات، فقد بادر د.أحمد مجاهد، وأنا أحترمه، بتقديم اعتذار للكنيسة وللأقباط، رغم أن الكتاب لا علاقة له بالعقائد ولكن بالتاريخ، وكان من الممكن أن يرد من يشاء عليه بكتاب آخر، مثلما فعل الأنبا بيشوى فى رده على رواية "عزازيل" التى كتبها الدكتور يوسف زيدان، وينتهى الأمر عند هذا الحد المحترم، أى مواجهة الرأى بالرأى.

يمكننى أن أتفهم أن يغضب رجال الكنيسة ومناصروهم، ورجال الدين الإسلامى ومناصروهم من الإساءة المباشرة للعقائد والأديان، ولكن لا يمكن قبول أن تصدر لنا الكنيسة، أو أى هيئة دينية مسلمة، وجهة نظرها فى التاريخ باعتبارها هى الحقيقة المطلقة، لأننا لو وافقنا على هذه المصيبة، فهذا معناه أن قلة فى كل تفاصيل حياتنا، رغم أنهم بشر مثلنا يصيبون ويخطئون، ولكنهم يريدون إقراراً بأنهم الممثلون الرسميون والوحيدون للأديان والمتدينين على الأرض، ويريدون منحهم سلطة أن يقرروا لنا ماذا نأكل وماذا نشرب وماذا نقرأ وما هو الحزب الذى نختاره ... إلخ.

أى وباختصار، تتحول البلد إلى دولة دينية يسيرها المتطرفون هنا وهناك، فهل هذا ما نريده لأنفسنا؟
لا أظن، ولا أظن أننا يجب أن نقبل أن تتحول الكنيسة ومناصروها إلى دولة داخل الدولة، ولا نقبل أنها الممثل الوحيد للمسيحيين، بالضبط مثلما لا نقبل أن يتحول الأزهر، أو الإخوان أو أى جماعة دينية، إلى المتحدث الرسمى باسم الإسلام والمسلمين، ودعنى أقل لك إننا لو فعلنا، فهذا معناه أننا نسلم بلدنا وحاضرنا ومستقبلنا إلى قوى طائفية ستحول مصر إلى خرابة كبيرة تنعق فيها الغربان.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة