هل تعتقد أن هناك رابطا بين عدم اكتساح حزب الله للانتخابات اللبنانية وبين فشل "تيار الاستقلال" فى نوادى القضاة، وفى نقابتى الصحفيين والمحامين وغيرهما؟
أظن أن هناك قاسما مشتركا.. الأول أن كل هذه التيارات تبنى وجودها السياسى على المعارضة، وهى فكرة جذابة جماهيريا، تعارض سلطات مستبدة فاشية، تعارض بجذرية المشروع الأمريكى الصهيونى، ولكنها تفشل جماهيريا، فهل حجمهم الجماهيرى أقل بكثير مما يقولون؟!
أظن ذلك، وأظن أن المشكلة ليست فقط فى الأفكار سواء التى يرددها حزب الله أو القوى المعارضة العربية من المحيط إلى الخليج، فالخطوط العامة لهذا الخطاب يمكن الاتفاق عليها، فمن منا يمكن أن يكون ضد الاستقلال الوطنى وضد الفقر والاستبداد ويحلم بإقامة دولة فلسطينية وغيرها وغيرها.. فلماذا ينهزم أصحابها، ولماذا فشلوا ويفشلون فى وضع مجتمعاتهم على الطريق الذى يؤدى إلى ما يرونه مستقبلا مشرقا؟
ليس لدى إجابة جاهزة.. ولكنى أظن، وليس كل الظن أثم، أن هناك أخطاء فادحة، ليس فقط فى تفصيلة هنا أو هناك فى برامجهم ولكن فى المنهج ذاته.. وربما يمكن إجمال هذه الأخطاء فيما يلى:
1- الانطلاق من أن خطابهم السياسى صحيح بالمعنى المطلق، ومن ثم فمن يخالفهم، لا يأتيه الباطل من بين يديه أو من خلفه.
2- وإذا كانوا ينطلقون من رؤية سياسية دينية تكون الكارثة أكبر، فيحولون الاختلاف السياسى، وهو جوهر الحياة، إلى تكفير دينى.. أليس هم المخولون بتحقيق إرادة الله على الأرض.
2- ولذلك يقعون بسهولة فى أفخاخ كثيرة منها أن المختلفين معهم بدون شك غير وطنيين، وبدون شك جزء المشروع الأمريكى الصهيونى، وفى حالات كثيرة يروجون أنهم عملاء و..و..و..الخ.
3- يتعاملون مع الجماهير باعتبارهم مفعولا به، مثلهم مثل السلطة الحاكمة، فإذا اختارتهم، فهى واعية، وإذا لم تخترهم فقد نجح أعداء الوطن فى الداخل والخارج فى تزييف وعيهم ويضحكون عليهم.
وأظن، وليس كل الظن أثم كما قلت لك، أنهم لو مارسوا نقدا ذاتيا حقيقيا، ولو أنهم انتقلوا من خانة ركوب الجماهير لتوصلهم ما يريدونه، إلى خانة التفاعل الخلاق مع الناس، لكسبنا طاقة إيجابية لبناء أوطاننا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة