صحيح أن تغيير اسم قرية أبو حنس إلى وادى النعناع ليست قضية أساسية، فهناك ما هو أهم فى رأيى، إلا أننى معجب بهذا الإصرار النبيل لأهل القرية على رفض قرار التغيير ورفضهم لتجاهل الحكومة لهم، فلم يخطر على بال مسئول واحد أن يستشيرهم فيما يخصهم.
طوال شهور وهم يحتجون بشكل حضارى وسلمى وديمقراطى، وطوال الوقت وهم يمارسون ضغوطهم حتى وصل صوتهم إلى البرلمان، حيث ساندتهم لجنة الإدارة المحلية، وأصدر محافظ المنيا الدكتور أحمد ضياء قراراً بعودة الاسم القديم الذى يحبه ويريده الناس.
هناك من ساعد أهل القرية، منهم المحامى نجيب جبرائيل الذى رفع دعوى قضائية كانت حيثياته فيها عاقلة ومحترمة، فلم يفرق بين تاريخ قبطى وتاريخ مصر، بل أكد أن تاريخ القرية الذى يعود إلى القرن الرابع الميلادى جزء من تاريخ وحضارة مصر، وأن تغيير الاسم إلى وادى النعناع هو طمس للهوية المصرية.
هذا طرح عادل ومنطقى للقضية دون أى تلميحات متطرفة أو مسيئة، تخرج الموضوع عن مساره الأصلى. ومثل جبرائيل كان تقدم نائب الحزب الوطنى عن دائرة مركز ملوى أشرف عشيرى ببيان عاجل فى البرلمان وجهه إلى اللواء عبد السلام المحجوب وزير التنمية المحلية يدافع فيه عن عدالة مطالب أهل القرية.
لكن هذه المساندات وغيرها، كان من المستحيل أن تتم دون أصحاب القضية الأصليين، أى أهل القرية، فمن المستحيل أن يساعدك أحد دون أن تساعد نفسك، فلولا الاحتجاجات السلمية المحترمة ما تقدم أحد بدعوى أو بيان عاجل أو غيرهما، وهذا الطريقة هى التى ستجبر الجهات الحكومية المعنية على التخلى عن تكاسلها وتنفذ قرار المحافظ، فلن تتوقف الاحتجاجات، كما حدث أمس، إلا بعد أن يحقق أصحاب المصلحة هدفهم العادل.
وما فعله أهل أبو حنس، فعله الكثير من فئات المجتمع، عمال وأطباء وموظفين ومدرسين وغيرهم.. فثقافة الاحتجاج تكاد أن تصبح جزءاً من عقل ووجدان المصريين، فهى الطريقة الوحيدة لرفع الظلم وتحقيق العدل.
كما أن هذا الطريق السلمى الديمقراطى يخفض طاقة العنف السلبى، الذى يمكن أن يتحول إلى فوضى مدمرة لا يستفيد منها أحد، بل تؤذى كل الأطراف، وتعطل بلدنا عن التقدم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة