محمد الجالى

كاريزما عائشة

الإثنين، 22 يونيو 2009 11:17 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
السيدة عائشة عبد الهادى، وزيرة القوى العاملة والهجرة، تستحق الإشادة، ويجب أن يحذو كل مسئول حكومى حذوها فى الحفاظ على كرامة المصريين التى يتلذذ بانتهاكها الأخوة فى دويلات النفط والريال والدرهم.

أنت أمام نموذج شعبى، يمتلك اعتزازا بمصريته، ويؤمن بحق المواطن المصرى فى العيش دون انتهاك، أنت أمام "بنت بلد"، مسئولة، و"مالية مركزها" بلغة الشارع؛ انظر إلى شجاعة المرأة التى أحرجت نظراءها الرجال وقررت حظر التعامل مع مركز "مستشارك الطبى"، الذى يمتلكه رجل الأعمال السعودى على إبراهيم السنيدى، بسبب تجاوزاته ضد العمالة المصرية لديه، ومعاملتهم معاملة سيئة وإهانتهم وعدم التعاون مع المكتب العمالى فى تفعيل الحلول الودية لحل المشاكل، (وفقا للخبر المنشور باليوم السابع الأحد الماضي).

سوف تبادرنى "أنت" بما لم أحط به "أنا" علما: "وكانت فين الست الوزيرة من زمان وهى شايفه كل يوم انتهاك لكرامة العمال المصريين فى الخليج؟"، كم هو مؤلم أن أتوقع مثلك أن وزراءنا ومسئولينا دوما يتحركون مثل "الدُّمى" التى لا تملك لنفسها حولا ولا قوة، ينتظرون قرارات فوقية، يتحكم فيها أشخاص نافذون، ربما أمراء وملوك ومستثمرون من هذه الدويلات على أطلال الكرامة المصرية، إنها لغة المصالح والصفقات السياسية.

السيدة الوزيرة-من وجهة نظرى- نجحت فى وضع حد "مؤقت" للإهانات المتكررة فى حق المصريين، ودون أن أخوض فى تفاصيل وأسباب ومبررات ودوافع التعامل غير الآدمى من (الأخوة الأشقاء)، وهى شفافة لكل ذى لب، أقول إن ساستنا وكبراءنا ودبلوماسيينا مطالبون بوضع حد لهذه المهازل الواقعة فى حق رعاياهم ووطنهم الذى ينتمون إليه، ولا أدرى هل ترابض السيدة الوزيرة وتدافع عن موقفها، أم تتنازل أمام الضغوط النفطية وتابعيها من بنى جلدتنا؟!

أيا كانت التوقعات والإجابات حول استفهاماتى السابقة، فإن الموقف الشجاع للسيدة الوزيرة، جعلنى أتأمله، وشرح صدرى للكتابة عنه، وغيّر مفهوم "القيادة" لدينا، فمن يتوهم أن المناصب تجلبها شهادات الدكتوراه ذات الأختام الجامعية الأجنبية، فإن وجود "عائشة" التى لم تكمل تعليمها، على رأس وزارة مهمة وقومية يفند تلك الادعاءات، ويرد على منتقديها، ويكذب نظرة المجتمع الذكورية المريضة، التى لا ترى للمرأة بريقا إلا فى "الغرف المغلقة"، وتحقرها وتعايرها بطبيعتها البيولوجية، تلك النظرة المحبوسة بين "الحيض" و"النفاس"!

عائشة عبد الهادى سيدة "كاريزمية" ليست "روتارية"، لكن سيدات أندية الروتارى-وما أدراك ما سيدات الروتارى- يتنافسن على دعوتها إلى ندواتهن وسهراتهن الفكرية والترفيهية، رغم أنها بعيدة عن هذا النسيج المختلف عن نسيجها، لكنهن يشعرن بالفخر لما وصلت إليه هذه المرأة، التى أضناها العمل النقابى، وعانت وتلاشت أوجاعها حتى وصلت إلى رأس العمل العام، وحفظت قوانينه وطبقت نظرياته دونما تلقين.

لم تنجرف هذه الوزيرة "الكاريزمية"، إلى تقليد صويحباتها اللائى حملن حقائب سيادية، يعلم القاصى قبل الدانى حقيقة ترشيحهن لها، فلم تغير جلدها، وظلت عائشة الموظفة المحجبة، هى عائشة الوزيرة صاحبة القرار الرافضة لـ"برستيجات" الهوانم؛ إنها المصرية بنت المصرييَن التى غيرت مفهومنا الرجعى "بلد شهادات صحيح!".

أعلم أن عائشة التى حملت حقيبة الوزارة منذ العام 2006، إلى اليوم، قد شهدت فترة توليها تداعيات عمالية كثيرة، لكننا نصبح أقل إنصافاً إذا حملناها وحدها مسئولية ما آلت إليه الأوضاع العمالية داخل وخارج مصر، فهناك نظام سياسى هو المسئول الأول لما يحدث لعمالنا داخل الحدود وخارجها، وهناك أجهزة حكومية يقف على منصتها رئيس الوزراء، وهناك دبلوماسية "هشة" تتبرأ من أبنائها كلما جَدّ عليها ما يستحق نصرتهم.

إذن، ما قررته السيدة الوزيرة سابقا، سوف نعتبره- أنا على الأقل- خطوة إيجابية نحو مزيد من استرجاع والحفاظ على كرامة المصريين، لن نطالب بأكثر مما نتمنى، ولن نحلم بأن نستعيد هذه الكرامة المستباحة بعد الحقبة الناصرية الفريدة، لكننا نأمل-على الأقل- ألا تتراجع السيدة الوزيرة عن مواقفها وقراراتها التى أثلجت صدورنا، وخلعت أقنعة مسئولينا الذكور، فهل هم مسئولون مصريون يدافعون عنا ويعبرون عن آمالنا ويزيلون العقبات من أمامنا، أم أنهم مستشارون لمؤسسات خليجية نفطية، ينتهكون حقوقنا لإرضاء أولياء النعم؟!









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة