"من آن لآخر على الإنسان أن ينظف ذاكرته من الأشياء والأشخاص المهلهلين".. قالها الأديب الألمانى جوته واتكل على الله ومات.. لا أعرف لماذا تذكرت هذه المقولة حين قرأت تصريح سكرتيرة المرأة العاملة والطفل بالاتحاد العام لنقابات عمال مصر فى مؤتمر عام عن "دور المرأة العاملة فى المجتمع وممارستها للشأن السياسى المحلى فى النقابات والبرلمان" التى قالت إن المرأة خلقت للمتعة الجسدية فقط".
وحقيقة الأمر لم يصدمنى تصريحها، فهذه بالتأكيد قناعتها الشخصية والتى كان عليها الاحتفاظ بها لنفسها.
لكن دعونا من تهذيب الكلمات، فهل يعقل أن تقول سكرتيرة عام الاتحاد الذى يتحدث عن ثلث المجتمع - النساء العاملات - مثل هذا الكلام فى مؤتمر عام وعلى الملأ، فالسيدة لم تقل هذا بالنص وإنما قالت عبارة أكثر فجاجة ويشهد عليها مصطفى المنجى نائب رئيس الاتحاد، ومعه أكثر من 50 امرأة عاملة شاركن فى المؤتمر، حين قاطعت المتحدثين بعبارة "الست يا جماعة اتخلقت عشان لا مؤاخذة جوزها يمتعها".
إذا كان هذا لسان حال المتحدثة باسم العاملات فلا غريب أن تعانى أغلب النساء العاملات من التحرش بهن من قبل رؤسائهن فى العمل، وهو ما يطرح سؤالاً ملحا للسيدة المحترمة التى لا أعرف عن حياتها الشخصية الكثير، ولا أحب الخوض فيها، لكنى أعرف جيدا وعن قرب السيدة الفاضلة عائشة عبد الهادى أول سكرتيرة للمرأة العاملة بالاتحاد، وكيف وصلت لمنصبها بالجهد والمواقف المشرفة مع النساء العاملات، اللاتى يحملن على كاهلهن العبء الثلاثى كربة منزل وأم وامراة عاملة وكيف كن وما زلن يدفعن الثمن لمثل هذه النظرة المتدنية للمرأة وحصرها فى كونها "مجرد جسد".
لن أطيل فى رصد أعباء العاملات والنساء فى وطن تكبله بعض الأصوات التى تشبه صوت السيدة صفيه.
لكن لو رددت بعض النساء البسيطات الجاهلات اللاتى لا يعرفن الكثير عن هذه الهموم ما تقوله السيدة صفيه، يكن معذورات بدافع الجهل وعدم المعرفة وبحكم أن تجاربهن محدودة فى إطار ضيق، لكن ما عذر السيدة صفية؟ هل بعد وصولها لهذا المنصب وجدت حياتها بلا جدوى ولابد أن ينتهى الحال بالنساء العاملات على "سرير" فقط، وهل قادتها قناعاتها لقول مثل هذا الكلام المحزن و"المكسف" فى مؤتمر يؤهل النساء لخوض معركة أكثر شراسة مع الانتخابات والكوته، وهل هذا إحباط للهمم وحصر النساء فى خندق المتعة؟
يا سيادة السكرتيرة دعينى أقل أنك بعد تصريحك هذا ستفتحين الباب على نفسك لكثير من أصحاب القلوب المريضة فى المؤسسات الحكومية ومصانع الغزل والنسيج لأن يروك بشكل سيئ متسائلين عن مؤهلات سيادتك للوصول لمنصبك، محاولين تطبيق ما قلته بالحرف - وأنت المفروض قيادة عمالية - على النساء العاملات البسيطات اللاتى يعملن 24 ساعة، ما بين المنزل ومؤسساتهن وبيوتهن وازواجهن.. هؤلاء الأزواج الذين قد يجدون زوجاتهن فى النهاية مجرد أجساد!
سيدتى.. هؤلاء الأزواج فى كثير من الأحيان تأخذهم أعباء الحياة ومشقة اليوم ما بين قوانين تبدع فى إذلالهم وسياسات اقتصادية تحملهم الكثير من فشلها وتوقعهم تحت وطأة عقد رؤسائهم والضغوط الحياتية، فهل تظنين هؤلاء الأزواج فى نهاية هذا اليوم المشحون سيشغلون بالهم بإمتاع هؤلاء السيدات؟ الإجابة ستجدينها فى أروقة المحاكم الشخصية المتكدسة بقضايا الخيانة الزوجية والطلاق والقتل وستعرفين أنه غالبا ما يكون وراء هذه القضايا حالة عدم الإشباع التى تتحدثين عنها، ودوامة الحياة التى تأخذ الجميع بعيدا عن الإحساس بالمتعة.. المتعة فى أى شىء وليس متعة الجسد فقط.
أيتها السكرتيرة الموقرة.. أحزننى تصريحك وأخجلنى.. وعيب عليك يا سكرتيرة المرأة العاملة لاتحاد عمال مصر. ولك كل الحب والتقدير يا عائشة.
سكرتيرة المرأة باتحاد العمال: المرأة خلقت للمتعة فقط
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة