اتصال نتانياهو بالرئيس مبارك لتوضيح بعض النقاط الواردة فى خطابه وزيارة مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلى للقاهرة، لنفس الغرض دليل على أن ما ورد من صفاقة وتعنت فى ذلك الخطاب ليس إلا موضع تفاوض. ليس ذلك ثقةً فى جدية نتانياهو، فإن إسرائيل نسفت منذ زمن أى ثقة فى هذه الجدية المنشودة.
ولكن مجرد توضيح بعض النقاط يعنى أن نتانياهو أراد فى خطابه رفع سقف الشروط إلى أقصاه ضماناً لتصفيق كل أطراف الداخل الإسرائيلى له، وربما أملاً فى أثمن هدية عربية يرجو الحصول عليها حالياً، وهى رفض عربى لأى مفاوضات قريبة يخلصه من أى ضغوط أمريكية متوقعة.
وَصْف خطاب نتانياهو "بالتعجيزى" و"العربدة" وأنه نقطة فى نهاية سطر العملية السلمية هو رد فعل هجومى حتمى، بل مطلوب المزيد منه إعلامياً. أما أن يكون لدينا قناعة حقيقية بأن الخطاب يعجِّزنا ويكبلنا فنرفض المفاوضات فهذا هو تحديداً ما يأمله نتانياهو. أمامنا خياران.
الأول أن نعتبر أن ماذكره رئيس الوزراء الإسرائيلى عن دولة فلسطينية منزوعة السلاح والقدس عاصمة لإسرائيل اليهودية، ورفض عودة اللاجئين إلى أراضى 48، ثوابت لإسرائيل "القوية" لن يستطيع الطرف العربى "الضعيف" زحزحتها فنرفض المفاوضات ولننتظر إلى أبد الآبدين رئيس وزراء إسرائيلى طيب القلب محب لنا وللسلام ليعترف بحقوقنا.
الثانى ألا نستسلم للفكرة الإسرائيلية أن كل ما تقوله إسرائيل هو إملاءات "تعجيزية" لقدرتنا على التفاوض، ولنتفاوض منطلقين من إعلان نتانياهو موافقته على قيام دولة فلسطينية، مستعدين لحرب تكسير عظام تفاوضية ورافضين بقوة كل ما أعلنه من مهاترات يعلم جيداً أنه ليس باستطاعة أى فلسطينى قبولها.
لنرفع نحن أيضاً سقف مطالبنا ونركز باستمرارية على إيصال رسالة للعالم أن إسرائيل ترفض السلام الذى يسعى إليه العرب، ونتمسك بما طالب به أوباما بوقف الاستيطان ونخلق كل تحفيز ممكن لتضغط واشنطن على إسرائيل. إذا أردنا أن نبقى الكرة فى الملعب الأمريكى علينا على الأقل أن نقذفها، ولن نقذفها من خلال الصحف والفضائيات بل من على طاولات المفاوضات، فالإعلام ليس إلا مُحركا وظهيرا.
يبقى السؤال الأهم.. مَن الذى سيفاوض؟ أين أصحاب الشأن؟ ربما على كل العرب الذين يعتبرون القضية الفلسطينية محور اهتمامهم ولا تخلو صحفهم من التحليلات والأراء المختلفة فى هذه القضية، أن ينتظروا حتى ينتهى أصحاب القضية أنفسهم من الاقتتال وتبادل الاتهامات، وحينها ربما يكون أوباما ونتانياهو قد اختفيا ونجد خطابين جديدين نغوص فى تحليلهما، أو ربما كما اقترح أحد رجال الأعمال ساخراً، أن يوقع ممثلو فتح وحماس توكيلاً فى الشهر العقارى فى القاهرة لمن يرتضيانه من المسئولين المصريين ليتفاوض نيابة عنهما ويسلم الدولة الفلسطينية للطرف الفائز! ولكن هناك معضلة حتى فى هذا الاقتراح.. هل سيتفقان أم يتقاتلان على اسم المُوكل له؟ رفضنا أم قبلنا المفاوضات، فوضعنا على أى حال، هدية لنتانياهو.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة