لو جوعت إنسان وحبسته فى غرفة مظلمة، فهل منطقى أن تطالبه بأن يشترك فى سباق جرى، وعندما يعجز تعايره؟
مؤكد أنه ظلم استثنائى، وهذا بالضبط ما فعله الدكتور مفيد شهاب وزير الشئون القانونية والمجالس النيابية، فقد دعا الأحزاب لأن يكون لها وجود فعلى وليس ورقياً، ثم أضاف حسبما نشرت المصرى اليوم "لا توجد لدينا تعددية حزبية حقيقية".
معنى تصريحات الوزير، أن الحزب الوطنى قتل القتيل ثم مشى فى جنازته، فالمسئول الأول عن تدمير الحياة الحزبية والسياسية فى مصر هو الحزب الحاكم، وأظن أن الدكتور شهاب يعرف على سبيل المثال ماذا حدث لحزب العمل ولحزب الغد، فالأول رغم عشرات الأحكام القضائية النهائية بعودته ما زال مجمداً، والثانى تربصت به الحكومة ودمرته من الداخل.
أضف على ذلك تعطيل حق تأسيس الأحزاب، ومنها حزب الكرامة وحزب الوسط، الأول أعضاؤه لم يرفعوا السلاح وليس فى برنامجهم قلب نظام الحكم، والثانى حزب مبشر لأنه يقدم رؤية محترمة من المؤكد أنها ستساهم فى حل معضلة فخ الدولة الدينية ولو قليلاً، ونقل البلد إلى خانة الدولة المدنية، وكل هذا يعطله الحزب الحاكم، فهو المتحكم وأمينه العام هو نفسه رئيس لجنة شئون الأحزاب، أى هو الخصم والحكم، ومن هنا، التضييق الأمنى وعدم السماح بأى نشاط جماهيرى حقيقى.
وبسبب كل هذا، وبسبب فقدان الأمل فى تداول السلطة ووجود حياة ديمقراطية، تحول الصراع السياسى من خانة المنافسة والصراع إلى خانة العداء، فلم يعد أمام السياسيين حل سوى أن ينتظروا مصيبة تأخذ الحزب الوطنى من "وشهم"، وحتى إذا قدم أى شىء إيجابى فلابد أن يسخفوه.
هذا لا يعنى أن المعارضة خالية من العيوب، فكان وما زال يمكنها أن تنتزع شرعيتها فى الشارع دون انتظار منح الحزب الحاكم، ولكنها للأسف أصبحت نسخة طبق الأصل من الحزب الحاكم، بمصائبه وبلاويه. ولكن الحقيقة أيضا أن المسئول الأول هو السلطة الحاكمة التى أفرغت البلد لنفسها وللإخوان، وإذا لم تنتبهِ فستكون هى أول من يدفع الثمن ونحن من بعدها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة