خدعوك فقالوا: الدين لله والوطن للجميع، ومعنى أن الدين لله، أننا لا شأن لنا به، ومعنى كون الوطن للجميع هو: أن يتفرق دمه بين القبائل.
السؤال الآن إذن عن المواطن: هل المواطن لله أم للجميع؟
هات إيدك، وتعال معى نقرأ هذه الدراسة التى أصدرتها الجمعية المصرية المركزية لحماية المستهلك، الدراسة تقول إن استهلاك المصريين للحوم انخفض بنسبة 75 %، وهو ما يمكن ترجمته حرفيا بأن تلات تربع المصريين لم يعودوا يأكلون اللحمة على الإطلاق، أو على الأقل قللوا من استهلاكهم لها بنسبة تجعلهم كأنهم لا يأكلونها.
ليس هذا فحسب، ففى المرتبة الثانية من السلع التى قلل زملاؤنا المصريون استهلاكها: السكر والمكرونة وزيت الطعام والعدس، رغم أننا فى مراحل سابقة، كنا نقول إن اللى ميعرفش يقول: عدس، لكن يبدو أن هذا أصبح متعذراً.
إذن ضاع الدين، ثم الوطن، ثم اللحمة والمكرونة والزيت والعدس، حتى السكر، فماذا سيتبقى من المواطن؟.
إذا كان المواطن لله، فمنهم لله الذين أدوا به إلى هذه النتيجة، وإذا كان للجميع، فلماذا لا يخرج رجل رشيد، بخلاف رشيد محمد رشيد، ويطالب برجوع الدين والوطن مع اللحمة والمكرونة، أو على الأقل يطالب باللحمة والمكرونة فقط.
عض قلبى ولا تعض لحمتى ولا مكرونتى ولا عدسى، لم يعد أحد يهتم بالمعانى الكبيرة، فللبيت رب يحميه، وللوطن رئيس، ورئيس وزراء، ووزراء ووكلاء وزارات ومحافظون ورؤساء أحياء وأعضاء مجلسى شعب وشورى ومجالس محلية، وللدين مشيخة أزهر ودار إفتاء ومساجد وكنائس وشيوخ فضائيات، أما الأكل والشرب فليس لهما إلا المواطن، والمواطن يسمع عن المواطنة بفتح الطاء، ويتزوج المواطنة بكسر الطاء، يذهب إلى عمله فى الأتوبيس مبكرا، ولا يرجع إلا فى الميكروباص، لأن الأتوبيس لا يعمل بعد منتصف الليل، يعمل فترة وفترتين وثلاث، لا يرى أولاده غالبا، ولا يؤدى واجباته الزوجية إلا فى الأعياد والإجازات الرسمية، يقترض بالفوائد، ويشترى بالأقساط، وبعد كل هذا ينام على لحم بطنه، إن بقى فيها لحم.
الدين لله، والوطن لله، واللحمة والمكرونة والزيت والسكر والعدس للحكومة، أما المواطن ففى الشغل، والزوج دائماً آخر من يعلم، وبين المواطن والحكومة مسيرة خمسمائة عام، عليه أن يقضيها دون أكل ولا شرب، شد الحزام على وسطك، حتى لا تأخذ مخالفة فى قانون المرور الجديد، وإذا كنت تعلم إن محدش بيموت من الجوع، فتخل عن الطعام، وتأكد أننا جميعا نعمل من أجل توفير الدخل القومى، ولا دخل لك بالتفاصيل، وعليك أن تعى جيدا أن على الشعب أن يجتهد من أجل سد عجز الميزانية، خصوصا بعد التطور الكبير فى الطب، حيث يمكن سد عجز الميزانية بحبة برشام واحدة، يمتد مفعولها إلى 36 ساعة متواصلة، مع إمكانية اختيار التوقيت المناسب للسد.
لقد نجحت الحكومة فى أن تجعل كل شىء فى الحياة لله، وحتى تخفى مخططها أعلنت أن القراءة، فقط، للجميع.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة